بسم الله الرحمن الرحيم

 

المبشرات بإنتصار الاسلام

 

نقول ذلك ( إن شاء الله تعالى ) تحقيقاً لا تعليقاً !

كما قال ذلك شيخ الاسلام ( إبن تيمية) رحمه الله

 

الحمد والصلاة والسلام علي رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :

يتحدث بعض المسلمين وحتى قسم من الدعاة عن أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة حديثا يوحي بأن الاسلام والخير في إدبار وأن الكفر والشر في إقبال، وان أهل الحق والمعروف مخذولون وأن أهل الباطل والمنكر غالبون ! وأن  الامور تسير من سئ إلى أسوأ وليس هناك أمل في التغيير أو الاصلاح ! وهذا اعتقاد خاطئ وفهم مغلوط يؤدي الي اليأس والاحباط وترك العمل في سبيل الاصلاح والدعوة الي الله بالحكمة والموعظة الحسنة وإلى الخير في هذا الدين الذي جاء لانقاذ البشرية. فضلا عن أن هذا الفهم الخاطئ هو مايروج له ويريده أعداء الاسلام في حربهم النفسية والواقعية ضد المسليمن حتى يستسلموا لهم ويستمروا في السيطرة عليهم فكريا واقتصاديا وحتى عسكرياً كما هو الحال في فلسطين وأفغانستان على سبيل المثال.

 

    إن في القرآن الكريم والسنة النبوية كثيرا من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة  (فضلا عن شواهد من التاريخ والواقع الذي نعيشه الآن ) من الأدلة العديدة التي تبشر بأن المستقبل للإسلام وأن هذا الدين سيظهر وينتصر بأمر من الله عز وجل بالرغم من جهود أعدائه للنيل منه والقضاء عليه, والتي ستبوء جميعا بالأخفاق بعون الله تعالى وكما وعد بذلك ربنا تعالى بقوله : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (الصف:8)  ، وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) (الأنفال:36)

    إن من الواجب على المسلمين عامة والدعاة منهم خاصة معرفة هذه الحقائق وإظهار ونشر هذه المبشرات من أجل : -

 

1.    تصحيح هذا المفهوم الخاطئ ووضع الأمور في نصابها الصحيح .

2.   بعث الأمل في نفوس المسلمين وحثهم للعمل من أجل دينهم وإعلاء كلمته .

3. الإمتثال لأمر المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله :( يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا ) متفق عليه .

من أجل ذلك كتبنا هذه السطور تذكير لكل محب للإسلام وأهله ولكل من يتمني أن ينتصر هذا الدين ويعود المسجد الاقصى للمسلمين وكذلك فلسطين وينحسر الشر عن بلاد العرب والمسلمين .

 

وسنذكر أدناه أهم المبشرات من القرآن الكريم والسنة النبوية ومن الواقع والأحداث التي نعيشها .

 

أولا - من القرآن الكريم : قوله تعالى:-

 

1.         (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) (غافر:51)

2. (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور:55)

3.      ( وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (الروم:47)

4.  (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً) (الفتح:28)

5.      (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة:32)

6.(بِآياتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ) (القصص:35)

7. (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (الصف:13)

7.

ثانيا- من الأحاديث النبوية الشريفة : قوله صلى الله عليه وسلم :-

 

1 - ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاء) رواه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده وزاد فيه  قيل يارسول الله من الغرباء؟ قال: (الذين يصلحون ما أفسد الناس)

2- (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر) رواه أحمد في مسنده

3 – (إِنَّ اَللَّهَ زَوَى لِي اَلْأَرْضَ, فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا, وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا, وَأُعْطِيتُ اَلْكَنْزَيْنِ اَلْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ ) رواه مسلم

4 -(تقاتلون اليهود، فتسلطون عليهم، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول الحجر: يا عبد الله، هذا يهودي ورائي فاقتله) رواه الشيخان وذكره السيوطي في صحيح الجامع الصغير-2977

5 -(تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضّاً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) رواه أحمد والطيالسي والبزار

والله أعلم , وتفسيرا لهذا الحديث الشريف أننا نعيش حاليا  في نهاية العهد الجبري وبداية تشكيل الحكم على منهاج النبوة!

 

6- عن أبي نضرة رضي الله عنه قال : كنا عند جابر بن عبد الله رضي عنه فقال : يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز و لا درهم قلنا : من أين ذلك ؟ قال : العجم يمنعون ذلك ثم قال :يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار و لا مدي قلنا : من أين ذاك ؟ قال:من قبل الروم. ثم سكت هُنيهة ثم قال : قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه و سلم : (يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثاً ولا يعده عداً ) رواه مسلم.

هذا وقد وقع حصار العراق والآن حصار الشام حاصل أيضا والذي سيعقبه بعد إنتصار الثورة السورية بعونه تعالى قيام حكم وطني إسلامي في المنطقة يدر الله عليه الخير والبركة كما قال صلى الله عليه وسلم في تكملة الحديث السابق ( ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض يرضى عنها ساكن السماء وساكن الأرض ولا تدع السماء من مطر إلا صبته مدرارًا ولا تدع الأرض من نباتها ولا بركاتها إلا أخرجته )  

7 -عَنْ اَبُي قَبِيلٍ؛ قَالَ :كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي ، وَسُئِلَ :اَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ اَوَّلًا : الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ اَوْ رُومِيَّةُ ؟ فَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حِلَقٌ ؛قَالَ : فَاَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكْتُبُ اِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ اَوَّلًا قُسْطَنْطِينِيَّةُ اَوْ رُومِيَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ اَوَّلًا يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ‏.‏ ) رواه أحمد والحاكم.

ويفهم من هذا الحديث أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد بشر أصحابه والمسلمين من بعده بفتح القسطنطينيه وروما. وأن السائل كان يعرف أنهما ستفتحان ولكن لا يدري أيهما سيفتح أولاً. وقد بيًن عليه الصلاة والسلام أن القسطنطينية ستفتح أولاً. وهذا ماحدث على يد السلطان محمد الفاتح رحمه الله في عام 1453م  والذي بشربذلك أيضا عليه الصلاة والسلام بقوله: (لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش) رواه أحمد في المسند والبخاري في التاريخ الكبير.

وأن (روميه) هي روما حاليا وقد يكون قاصدًا  بها رسول الله صلي الله عليه وسلم العالم المسيحي الغربي ( الأوربي والأمريكي ) وأن الفتح سيكون والله أعلم بالمنطق والبيان وليس بالسيف والسنان وعن طريق العلم وحقائقه الذي يؤمن به الغرب حيث سيتوصل الغربيون  وبعد معاناة وخسائر وإندحرات كثيرة في جميع مجالات حياتهم نتيجة إتباعهم لانظمتهم المادية الوضعية وشقائهم الروحي ’  سيقتنعون أن النموذج الاسلامي في الحياة هو الحل الصحيح لجميع مشاكلهم بعد إخفاق حلولهم ومبادئهم ’ وبالطبع سيتوافق ذلك ويتزامن مع : -

أ – نشر الاسلام ومبادئه الإنسانية والرحيمة والمتوافقة مع الفطرة البشرية, وذلك عن طريق نشر الوعي الإسلامي في وسائل الإعلام المختلفة وإطلاع غير المسلمين عليها خاصة في الغرب الذي سيتجه بعونه تعالى نحو الدرب ويعرف الحقائق ويؤمن بها!

ب – قيام دولة إسلامية قوية شديدة الإيمان بألله معدة الإعداد المادي والتقني الكافي لعدوها الذي أحتل ارضها وسلب خيراتها .وناشرة للعدل ليس لها هدف سوى إعزاز كلمة الله ونشر دينه واسعاد البشرية   وتكون هذه الدولة مثالاً حياً واقعياً وقدوة صالحة عملية للدولة الفاضلة التي سيقتدي بها الغرب وغيره .

 

ثالثا   :       من الواقع والأحداث الجارية : -

والتي يمكن تلخيصها بما يلي : -

1.  الصحوة الإسلامية : ظهور الصحوة الإسلامية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي الميلادي وتناميها الى الوقت الحاضر متزامنا مع إخفاق كافة المبادئ العلمانية والشيوعية والوضعية والأنظمة التي تبنتها وإعتمدتها في الوطن العربي والإسلامي .

2.   تركيا : عودة تركيا الى الإسلام بعد إلغاء الخلافة الاسلامية  فيها في العشرينات من القرن المنصرم على يد الطاغية ( أتا تورك) وصعود الاسلاميين الى الصدارة و نجاحهم في قيادة بلدهم وعلى كافة المستويات بعد تسلم حزب العدالة والتنمية الاسلامي التوجه الحكم فيها في عام 2002م ولازالوا يحققون التقدم والنجاح .

3.   حماس : نجاح الاسلامين في الانتخابات في فلسطين ( حماس ) وتحرريهم  لقطاع غزة وتطبيق الشعائر والشريعة الاسلامية فيه  بالرغم  من الحصار والعدوان الاسرائيلي المستمر وخيارهم في المقاومه للاحتلال وعدم الإستخذاء للحلول الاستسلامية  وإنتصارهم في معركة الفرقان وتصديهم للعدوان الصهيوني الذي وقع عليهم في آواخر عامي 2008 م وبداية 2009م. ولعل المصطفى عليه الصلاة والسلام كان يعنيهم في حديثه المشهور الذي رواه الإمام احمد في مسنده قوله صلى الله عليه وسلم: (لاتَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: "بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ)

4.  الربيع العربي :أحداث الربيع العربي وصعود الإسلاميين ذوي التوجه الإصلاحي والإسلامي الوسطي  ونجاحهم في الإنتخابات في معظم البلدان التي جرت فيها خاصة في تونس والمغرب ومصر. وكذلك الذي  سيحصل في سوريا قريباً بعد انتصار ثورتها على الظلم والطغيان بمشيئته سبحانه وتعالى. وإننا نعتقد أن نجاحهم في مصر (أرض الكنانة والأزهر الشريف ) سيكون بداية نهضة إصلاحية لهذا البلد العريق ولبقية بلاد العرب والمسلمين للأهمية التي تحتلها مصر في المنطقة خاصة من أجل تحرير فلسطين والتصدي للمشروع الصهيوني والصليبي .كما ستمثل مصر وبعونه  تعالى  مركز الثقل للتصدي للمشروع الصفوي  والطائفي في إيران والمتعاونين معها  الذي يقوم بدور       ( المسجد الضرار)  في الأمة الأسلامية ويعمل على إضعافها ويتاجر بالقضية الفلسطينية. حيث أن مصر (وهذا مانصبوه وندعو اليه) وبالتعاون مع المملكة العربية السعودية ( بلد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي وقلب العالم الأسلامي ) ستقومان بالتصدي لهذا المشروع الطائفي والدفاع عن أهل السنة والجماعة التي تمثل الإسلام الصحيح والوسطي ولتوحيد صفوفهم  لدرء الأخطار والأ طماع المحدقة بهم , وصولاً الى مستقبل أفضل للعرب وللمسلمين والنهوض بهم نحو العلى والتقدم .

 

والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون .

        

الدكتور محمد جميل الحبَال

الدمام

8 شعبان 1433هـ الموافق 28-6-2012م