سم الله الرحمن الرحيم

(ولنجعله آية للناس ورحمة) [ مريم:21]

عيسى ابن مريم

(قرائن علمية وعددية قرآنية تفسر ولادته العذرية ورفعه حياً وعودته رحمة للبشرية)

المقدمة:

لقد أيًّد الله سبحانه وتعالى الانبياء والمرسلين بالآيات المعجزات والبينات الباهرات. ويتميز سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام عن بقية اخوانه من الانبياء والمرسلين بكثرتها برغم عمره القصير نسبيا بالمقارنة اليهم، والذي لم يتجاوز الثلاثة والثلاثين عاما. قال تعالى:

( وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ ) [البقرة:من الآيتين 87-253 ]

وقد بين القرآن الكريم هذه المعجزات التي جرت على يديه وبإذن منه سبحانه وتعالى وذلك في كل من الآيات (45-46) و(49) من سورة آل عمران، والآيات من (110) الى (115) من سورة المائدة والآيات من (24) إلى (33) من سورة مريم وهذه البينات هي:

1- الكلام بعد ولادته مباشرة وفي المهد .

2- خلق الطير من الطين .

3- ابراء الأكمه والابرص (شفاء المرضى) .

4- احياء الموتى .

5- اخبار الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيتوهم .

6- انزال المائدة من السماء على الحواريين.

7- الوجاهة في الدنيا وفي الآخرة.

وفضلا عن هذه المعجزات الباهرات والايات البينات فانه عليه السلام يتفرد متميزا ايضا بالآيات المعجزات الثلاث الآتية:

 

 

1- ولادته العذرية من مريم الصدّيقة البتول (من أُم دون أب) في قوله تعالى:

 (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران:47]

2- رفعه إلى الله حياً ونجاته من القتل والصلب في قوله تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) [النساء:157- 158 ]

3- نزوله عائداً الى الارض رحمة للناس، وكعلامة من علامات الساعة الكبرى في قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) [الزخرف:61] وكما جاءت بذلك الاحاديث النبوية الشريفة والتي سنذكرها لاحقا.

من اجل ذلك فان سيدنا عيسى ابن مريم لوحده ومع والدته يعتبران آية من آيات الله الباهرات خصهما الله بهذا المعنى في ثلاث آيات مباركات بكونه (او كونهما معاً) كذلك في قوله تعالى:

1- ( وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) [مريم: 21 ].

2- (وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ) [الانبياء: 90 ].

3- (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) [المؤمنون:50 ].

وهذا تطابق رائع ودقيق بين هذه الآيات القرآنية الثلاث مع الآيات المعجزات الثلاث التي تفرًّد بها سيدنا المسيح عيسى ابن مريم عن بقية اخوانه من الانبياء والمرسلين عليهم جميعا افضل الصلاة والتسليم، كما سنفصل ذلك لاحقا بعون الله تعالى.

 والذي يهمنا في هذا الجانب هو سرد القرائن والادلة العلمية والإحصائية والعددية القرآنية التي لها علاقة بالعدد(16) ومضاعفاته, والتي تصب في موضوع الاعجاز الرياضي في القرآن الكريم والتي تفسر وتقرب الينا مفهوم هذه البينات والآيات الثلاث .

وقبل ان نفصل هذه القرائن و الإشارات علينا كمسلمين ومؤمنين التصديق والتسليم بهذه المعجزات والآيات التي ذكرها القرآن الكريم وفصلها الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في كثير من احاديثه المتواترة، وعلينا الاعتقاد والتصديق بها كجزء من اركان الايمان والعقيدة، دون الحاجة الى ايراد القرائن العلمية والاحصائية في اثباتها او تفسيرها. وهذا قول صحيح ! فنحن مأمورون بالايمان بالغيب الذي هو احد اركان الايمان في قوله تعالى:(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) [البقرة: 3 ]. ونحن مأمورون أيضا وفي نفس الوقت شرعا وعقلا أنه كلما ظهر دليل علمي يوضح او يفسر هذا الامر الغيبي او ذاك ان نبينه للناس، خاصة إننا في عصر التقدم العلمي والمعرفي. هذا العصر الذي اصبحت فيه لغة العلم والكومبيوتر هي اللغة السائدة. وقد بدأت العلوم المعاصرة وحقائقها الثابته تفسر وتبين كثيرا من الاوامر الشرعية والعقائدية وتثبت صحتها.[1]

.وفي القرآن الكريم ادلة كثيرة وامثلة متعددة على ما نقول نذكر منها مثالا واحدا بخصوص سؤال سيدنا ابراهيم عليه السلام، عن كيفية احياء الموتى في قوله تعالى:

 (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [ البقرة:260].

والسائل هنا   سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو اب الانبياء والمرسلين جميعا ممن جاء بعده، وليس شخصا عاديا والذي قال الله في حقه: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) [الانعام:75]. فبالرغم من ذلك وهو من الموقنين فقد طالب بالدليل التجريبي لاحياء الموتى وكما يقول صاحب تفسير (زبدة التفسير في فتح القدير)  ما نصه:((أرني) لم يرد رؤية القلب انما اراد رؤية العين لتحصل له الطمأنينة (اولم تؤمن؟) بأنني قادر على الاحياء حتى تسألني إراءته ! (قال بلى) علمت وامنت بأنك قادر على ذلك (ولكن ليطمئن قلبي) باجتماع دليل العيان الى دلائل الايمان، ولم يكن شاكا في احياء الموتى قط وانما طلب المعاينة لما جبلت عليه النفوس البشرية في رؤية ما اخبرت عنه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "ليس الخبر كالمعاينة" .وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: "مافي القرآن عندي آية ارجى منها") [2].

وفي ذلك اشارة واضحة الى وجوب اقران الحقائق العلمية الملموسة والوسائل التجريبية الصحيحة التي هي من نواميس الله عزوجل في خلق الكون والانسان مع الحقائق الايمانية والغيبية كلما امكن ذلك .

ونحن في عصر العلم والكومبيوتر كما قلنا فعلينا ان نستعمل هذه اللغة العلمية التي أصبحت في متناول ايدينا لشرح وتفسير مقاصد الشريعة الغراء وبالاسلوب الصحيح المعاصر، وإيجاد فكر إسلامي علمي متكامل يجمع بين الاصالة والحداثة، وبين الإيمان والعلم لأن الاسلام أمر بهما وشجع عليهما. وبهذا الأسلوب نستطيع وبعون الله تعالى أن نقدم الحجة بالأدلة والبراهين العلمية لغير المسلمين بأحقية هذا الدين، وقد يهديهم الله سبحانه وتعالى بهذا الطريق وبالحكمة والموعظة الحسنة الى الايمان ان كانوا صادقين للوصول الى الحقيقة. وفي الوقت نفسه نعزز الثقة في نفوس كثير من المسلمين ونزيد في ايمانهم امام هذه التحديات والافكار التي تدعي العلمانية والعقلانية قال تعالى:

 (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً) [المدثر:31]

ومن هذا المنطلق فاننا سنتناول في بحثنا هذا معجزة خلق سيدنا عيسى ابن مريم من ام دون أب، وأنه عليه السلام قد رفعه الله اليه حيا ولم يقتل او يصلب، وانه كذلك سينزل وهو حي رحمة للناس وإنقاذاٌ لهم، فيرفع الظلم والشرك ويقيم العدل والامان والإسلام.

 

أولاً: ولادة سيدنا عيسى ابن مريم العذرية (من ام دون اب)

ان الآية الاولى التي يتميز بها سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام عن بقية اخوانه من الانبياء والمرسلين انه ولد من ام دون اب ، كما جاء ذلك في القران الكريم:

1- في قوله تعالى: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران:47]

2- وفي قوله تعالى : (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً،قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً) [مريم:20-21]

ان الله عز وجل ضرب لنا من خلال العلم وحقائقه مثالا توضيحيا يقرب لنا الموضوعات الغيبية المذكورة اعلاه (الولادة العذرية) عن طريق خلق النحل وسورتها في القرآن الكريم وعلاقة ذكرهما (عيسى ابن مريم والنحل) بما يتعلق بالمعجزة الرقمية القرآنية والعدد (16) في العلم والقرآن الكريم, كمحور ربط وضبط بينهما, اثباتا وتوضيحا لما ذكره وكذلك تثبيتا للمؤمنين واقامة الحجة على غيرهم, قال تعالى:

(قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)[النحل: 102].

وسنتناول ذكر النحل في القرآن والعلم اولا, ثم ذكر سيدنا عيسى ابن مريم ووالدته في القرآن الكريم  ثانيا ، وسنوضح الثوابت العلمية للربط بينهما, وكذلك من خلال الرقم (16) ومضاعفاته،كما ورد في الايات القرانية ، كمؤشر وبرهان على صحة هذه الامور الغيبية.

قال تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) [النساء: 174].

 

(النحل) في القرآن: 

1.   ان ترتيب سورة النحل في القرآن الكريم هو(16).

2.   ان عدد آيات سورة النحل هو(128) وهذا العدد هو من مضاعفات (16) حيث ان: (16X8=128)

3. ان عدد احرف الكلمات الاربع الاولى من الآيتين (68 ) و(69) اللتين ذكرتا النحل وبعض طبائعه وفوائده في سورتها هو (16) حرفا في قوله تعالى:        (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) [النحل: 68 ]، وهذه الحروف والكلمات هي التي خاطب الله تعالى بها (النحل) وألهم هذه الحشرة العجيبة ذات الفائدة الكبيرة للانسان من خلال ما تخرجه من بطونها من منتوجات مفيدة جدا كالعسل وغيره في قوله تعالى:

(ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[النحل:69].

وقد اكتشف العلماء حديثا قسما من كبيرا من هذه الفوائد وبعضا من أسرار حياتها الدقيقة والنظامية جدا التي اذهلت المتخصصين في دراسة (امة النحل) والتي وافقت ما جاء في القرآن الكريم.

صلة الانسان بموضوع النحل والعقيدة:

1- بالاعجاز البلاغي والعددي في القران الكريم:

(ومما يلفت النظر ان الخطاب في الاية أعلاه جاء بضمير المخاطب (الكاف) في (ربك) ولم ترد الآية بلفظ ( واوحى الله الى النحل ) أو ( واوحينا الى النحل) ، ولكنها وردت بقوله تعالى: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ)[النحل:68] . والمخاطب هنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والخطاب له خطابا لامته (امة الاجابة والدعوة) التي نزل القران الكريم  من اجل منفعتها وهدايتها .وفي ذلك اشارة عظيمة الى  ان هناك صلة بين الانسان المعني في خطاب الله سبحانه وتعالى وبين ماعُهدَ به الى النحل ، من طبيعة واعمال ، يقوم بها بوحي من الله سبحانه وتعالى .وهذه الصلة غير مباشرة ... فكاف المخاطب يفيد نسبة الرسول عليه الصلاة والسلام الى ربه ،  من باب التكريم ، وان هذا التكريم نتيجة مترتبة على ايمان الرسول صلى الله عليه وسلم (ومن بعده امته ) بما اوحاه الله تعالى في كتابه (في ايات النحل) [3].

وهذا الربط في بيان صلة الانسان في موضوع النحل وموضوع العقيدة والخطاب التكريمي للامة عن طريق رسولها الامين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في المجال البلاغي القراني، في قوله :

(وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) ولم يقل (واوحى الله الى النحل ) او (واوحينا الى النحل ) كما مذكور اعلاه ، هو شيئ جميل وصحيح ولكن تجب الاشارة الى الجانب العددي لاحرف هذه العبارات ، فان ماجاء في القران في قوله (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) وكما ذكرنا يتالف من (16) حرفا ، اما لو جاء بالصيغتين المذكورتين أعلاه فان عدد الاحرف فيهما (17) و (15) حرفا على التوالي ، ولاختل الميزان في هذه الحالة !!!

والخطاب بقوله عز وجل (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ)، فيه إعجاز رقمي متناسق ودقيق فضلا عن الاعجاز النظمي والبلاغي المذكورين. فتأمل روعة كتاب الله ودقته في وضع كل كلمة بل كل حرف في مكانه المناسب. وهكذا يتحقق الاعجاز الكامل والشامل في القران الكريم وانه وحي من الله سبحانه وتعالى ولو كان غير ذلك لوقع فيه الاختلاف والتناقض الشديدين، قال تعالى:

 (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)[النساء: 82 ]

2- بالوحي للانبياء والنحل الطاهرين:

ان عيسى ابن مريم ولد طاهرا من طاهرة(من أم بدون أب) كما يحصل في امة النحل (كما ستذكره لاحقا) . والنحل ايضا طاهر يأكل طاهرا ويعطي العسل وغيره من المنتجات الطاهرة، وعمله المنظم والدقيق وحي من الله اليه كما اوحي الى الانبياء و المرسلين الاطهار ومنهم عيسى ابن مريم. فالعسل شفاء ويطهر الناس من الامراض والاسقام ، والوحي تطهير لهم من الشرك والاوهام!

 

(النحل) في العلم:

1.   ان عدد الكروموسومات في النحل هو (16) زوجا.

2. ان الكروموسومات في ذكر النحل وخلافا لبقية المخلوقات هو (16) فردا (اي نصف العدد اعلاه), والسبب في ذلك ان ذكرالنحل ( (Droneينتج من بيوض غير ملقحة بعملية تسمى التكاثر العذري (Parthenogenesis) وذلك بأحدى هاتين الطريقتين:

اولا: ان الملكة الواحدة (في كل خلية نحل توجد ملكة واحدة فقط كما هو معلوم) تضع حوالي 200 – 250 الف بويضة في الموسم الواحد او ما يقارب 1500 بويضة في اليوم معظمها ملقح, تنتج النحلات الشغالات المنتجة للعسل وغيره وعدد قليل منها غير ملقح, والتي من المفروض كما في بقية المخلوقات ان لا تنتج شيئا, ولكن في حالتها الخاصة فانها بقدرة الله تعالى عز وجل تعطي ذكور النحل!! ويلاحظ انه بعد اربع سنوات من حياة الملكة تميل الى وضع بيوض غير ملقحة, وذلك لقرب مخزونها من النطف المنوية بالنفاد وهذا الامر يضعف خلية النحل علما انها تلقح مرة واحدة وغالبا من قبل ذكر واحد وفي الجو (الهواء الطلق تحديدا) في رحلة التلقيح (التزاوج) والتي تستغرق عادة عشرين دقيقة.

ثانيا: عن طريق الملكة الكاذبة او(الأم الكاذبة), حيث انه في حالة موت او فقدان الملكة لأي سبب كان, تقوم الشغالات الفتية بتغذية احداهن بالغذاء الملكي فتنمو مبايضها (التي هي ضامرة ومتوقفة عن العمل اصلا وغير قابلة للتلقيح ولا تنتج بيوضا), وتبدأ بوضع بيوضا غير ملقحة تعطي ذكورا فقط تحمل بالطبع (16) كروموسوما فرديا في تكاثر عذري غير جنسي فريد من نوعه بقدرته وأمره سبحانه وتعالى!

ان انتاج ذكور النحل من بيوض غير ملقحة (سواء من الملكة الحقيقية او الكاذبة) وذلك من انثى دون تلقيح من ذكر, دلالة عظيمة على قدرته عز وجل كما ذكرنا, وهو ايضا مثال علمي واقعي جعله الله لنا نموذجا واضحا مقربا لمعجزة خلق سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام من ام عذراء دون أب (اي من بيضة غير ملقحة), قال تعالى على لسان السيدة مريم العذراء:

(قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران: 47]

3. ان المدة التي تستغرقها مبايض النحلة الشغالة (الأم او الملكة الكاذبة) لوضع البيوض غير الملقحة المذكورة في الفقرة اعلاه هي ما بين 6 – 26 يوما، أي بمعدل (16) يوما بالضبط فتأمل! وكما ذكرنا سابقا فأن هذه البيوض غير الملقحة تنتج ذكورا فقط والتي تنحصر وظيفتها بالتزاوج مع الملكة وتلقيحها في رحلة التزاوج التي ذكرناها.

4. ان البيضة التي ستصبح ملكة تحتاج الى (16) يوما بالضبط لتبلغ مرحلة الحشرة الناضجة مرورا بمراحل اليرقة والعذراء, بينما البيوض التي ستنتج الشغالات والذكور تحتاج لبلوغ هذه المرحلة الى (21) و(24) يوما على التوالي، علما ان خلية النحل الواحدة تحتوي على ملكة واحدة فقط كما بيناه سابقا، وعشرات الألوف من الشغالات والمئات من الذكور. فتأمل خصوصية الملكة واهميتها في (امة النحل) لذلك اختصها الله عزوجل (والله اعلم) بهذه الايام المتناسقة مع معطيات كتابه بخصوص هذا الرقم وهو(16) يوما بالضبط لبلوغها دور الحشرة الكاملة [4].

 

الاشارات الاحصائية القرآنية المتعلقة بالعدد (16)على وجه الخصوص ذات الدلالة على ولادة المسيح العذرية:

 

أولا : (عيسى ابن مريم) في القرآن:

1. جاء ذكر سيدنا عيسى ابن مريم في القرآن الكريم (33) مرة، ولكن بصيغ مختلفة منها: عيسى ابن مريم، وابن مريم، والمسيح، وعيسى، والمسيح ابن مريم. وذلك بعدد سني عمره في الارض والتي بلغت 33 عاما قبل رفعه حيا عليه الصلاة والسلام. وقد ذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذلك في الحديث الشريف قائلا: (رفع عيسى ابن مريم الى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة)[5]. كما مبين في الجدول رقم (1).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جدول رقم(1) : يبين اسماء السور وارقام الايات التي ورد فيها اسم المسيح في القرآن الكريم(33) مرة بصيغ مختلفة وحسب ترتيب ورودها في المصحف الشريف

 

اسم السورة

رقم الآية

البقرة

87 ،136 ،253

آل عمران

45 ،52 ،55 ،59 ،84

النساء

157 ،163 ،171 ،172

المائدة

17،17 ،46 ،72 ،72 ،75 ،78 ،110 ،112، 114، 116

الانعام

85

التوبة

30،31

مريم

34 (ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) وتتألف هذه الآية  من (34) حرفا ايضا !كما وردت كلمة (مريم) 34 مرة في القران الكريم 2

الأحزاب

7

الشورى

13

الزخرف

63

الحديد

27

الصف

6 ،14

 

وهناك تسع مجموعات من الآيات الكريمة في القرآن الكريم تتناول حقيقة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام وبيان رسالته وسيرته ومعجزاته وترد على المدعين بالوهيته او انه ابن الله وكذلك تنفي صلبه او قتله بل تؤيد رفعه حيا وكل مجموعة من هذه الآيات يتألف من (33) كلمة بالتمام والكمال وهذا العدد مساو ايضا لعدد سني عمره (33) عاما منها قوله تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (النساء:157- 158)

وكذلك قوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (المائدة:72).[6]

أما اسمه الكامل (عيسى ابن مريم) فقد ورد بهذه الصيغة في القرآن الكريم (16) مرة بالضبط [7] ، كما مبين في الجدول رقم (2)

 

 

 

جدول رقم (2) : يبين اسم السورة ورقم الاية التي ذكر فيها عبارة (عيسى ابن مريم) (16) مرة في القران الكريم حسب ترتيب ورودها في المصحف الشريف

ت

اسم السورة

رقم الآية

1

البقرة

87 (وهي اول ماورد في المصحف من اسمائه)

2

البقرة

253

3

آل عمران

45

4

النساء

157

5

النساء

171

6

المائدة

46

7

المائدة

78

8

المائدة

110

9

المائدة

112

10

المائدة

114

11

المائدة

116

12

مريم

34

13

الاحزاب

7

14

الحديد

27

15

الصف

6

16

الصف

14 (وهي آخر ما ورد في المصحف من اسمائه)

 

الحقائق المستنبطة من الجدول رقم(2):

سورة المائدة

وهي السورة القرآنية المتميزة بذكر عيسى ابن مريم وامه وسيرتهما ودعوة عيسى مع صحابته (الحواريون) عندما طلبوا منه أن ينزل عليهم الله مائدة من السماء كدليل مادي على صدق رسالته ولكي يأكلوا منها وتطمئن قلوبهم بذلك في قوله تعالى:

 (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ،  قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ) [المائدة:112 - 113] ومن هذه الاية جاء اسم السورة (المائدة) ونجد فيها:

1- إن عبارة (عيسى ابن مريم) قد تكررت فيها (6) مرات(اكثر من اي سورة اخرى) وابتدأت  بالآية رقم(46) وانتهت بالاية (116) حيث يظهر في كليهما العدد (6) و (16)

2-  ان مجموع ارقام الايات الست المذكورة اعلاه هو (576)، وهذا الناتج من مضاعفات العدد(16) ايضا . حيث ان:

      46 +78+ 110+ 112+114+116=576    ( 36 X16 = 576) فتامل!

 

 

سورة الصف

1.   ان عبارة (عيسى ابن مريم) تكررت في القران (16) مرة كما ذكرنا، وان آخر مرة ذكرت فيها هذه  العبارة هي  في سورة الصف ، ذات الترتيب (61) في المصحف الشريف وهذا العدد هو مقلوب العدد(16) حيث  يظهر فيه الرقم (1) والرقم (6)

2.   وردت عبارة (عيسى ابن مريم) مرتان في هذه السورة المباركة:

الاولى / في الآية رقم (6) قوله تعالى:

(وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) [الصف: 6] وتتألف هذه الآية من (31) كلمة

والثانية/ في الاية رقم (14) وهي الآية الاخيرة من هذه السورة والتي تحتوي على عبارة (عيسى ابن مريم)الذي هو من اسماء سيدنا (عيسى) عليه السلام حيث ورد اسمه فيها للمرة الاخيرة في المصحف الشريف،  قوله تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ)

[ الصف : 14]. وتتالف هذه الآية من (35) كلمة .

 ومجموع الكلمات في هاتين الآيتين = 31+35=66

وهذا الناتج هو ضعف العدد(33) الذي يمثل عمر سيدنا عيسى ابن مريم.

3. اذا احصينا مجموع الكلمات في هاتين الايتين الى نهاية عبارة (عيسى ابن مريم) فيهما  فان مجوعهما (16) كلمة بالضبط ! (في الاولى 5 كلمات وفي الثانية 11 كلمة) .

فتأمل هذه الاشارة المباشرة والربط الدقيق بين هذا التكرار في ذكر اسمه (عيسى ابن مريم)(16) مرة مع عدد الكروموسومات الفردية (16) في ذكر النحل وغيرها من المؤشرات التي لها علاقة بهذا العدد (16) الواردة اعلاه بخصوص النحل في القرآن والعلم كمثال تقريبي, على معجزة خلق سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام، قال تعالى:

(وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) [العنكبوت: 43]

 

 

 

 

 

 ثانيا: (مريم ابنة عمران) في القرآن :

لقد تكرر اسم (مريم) في القران الكريم(34) مرة [8]. وقد جاء ذكر اسمها بصورة كاملة (مريم ابنة عمران) مرة واحدة فقط وذلك في الآية الاخيرة من سورة التحريم ذات الترتيب القراني (66) في المصحف الشريف قوله تعالى:

 (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) [التحريم:12].

وان ترتيب هذه السورة (66) هو ضعف العدد(33) الذي يمثل عمر سيدنا عيسى ابن مريم كما ذكرنا ذلك سابقا .

ان سيدنا عيسى ووالدته العذراء مريم عليهما السلام حالة واحدة في هذه المعجزة فهما آية واحدة كذلك كما قال سبحانه وتعالى:

 (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ)  [الانبياء:21] وقال تعالى ايضا :

(وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) [المؤمنون: 50].

يقول الفخر الرازي في تفسير هذه الآية الكريمة (فأشتركا جميعا في هذه الامر العجيب الخارق للعادة انه جعلهما آية بنفس الولادة لانه ولد من غير ذكر ووالدته من غير ذكر... وذلك لأن الولادة فيه وفيها آية واحدة فيهما وقال تعالى (آية) ولم يقل (آيتين) )! [9]

وجاء في ( القاموس المحيط ) للفيروزابادي في معنىالآية: (العلامة والعبرة والامارة) وفي كتب التفسير الآية: (علامة على قدرة الله عز وجل ).

فمريم عليها السلام آية :

1- في ولادتها من ام ، كانت عاقرا ثم حملتها بعد ان عجزت .

2-  في طفولتها وحداثتها .

بقوله عز وجل : (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [ آل عمران : 37] .

3- في حملها بالمسيح وولادتها العذرية له عليه السلام وهي العذراء البتول التي لم يمسسها بشر. كما اكدته الآيتان أدناه:

(قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)  [ سورة آل عمران : 47 ] .

(قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً) [ مريم : 20 ]

 

 

 

حساب (الجّمّل) لكلمة (آية):

 

وفي مجال الاعجاز العددي في خصوص كلمة (آية) ان حساب (الجّمل) لهذه الكلمة هو(16) ايضا!! حيث ان حساب احرفها وفق هذا النظام كالاتي :

 حرف الالف = 1

حرف الياء = 10             حيث ان ( 1+10+5= 16)

وحرف الهاء = 5

 

ثالثا :مريم العذراء مع ولدها عيسى في القران (سورة مريم):

واذا درسنا الاشارات الاحصائية بخصوص قصة مريم العذراء مع ولدها عيسى في (سورة مريم) موضوعة البحث والتي ذكرتهما على امتداد عشرين آية في مطلعها تقريبا، فإننا سنتوصل إلى الحقائق آلاتية المذكورة في الجدول رقم (3) علما أن هذه السورة تقع في بداية الجزء (16) من القران الكريم.

جدول رقم (3): يبين عدد الكلمات في كل آية من الآيات العشرين التي ذكرت قصة مريم العذراء مع ولدها عيسى في سورة مريم

رقم الآية

عدد كلماتها

رقم الآية

عدد كلماتها

رقم الآية

عدد كلماتها

16(1x16)

10

23

13

30

8

17

11

24

10

31

11

18

8

25

8

32(2x16)

6

19

9

26

18

33

9

20

11

27

10

34

9

21

15

28

11

35

16

22

5

29

10

المجموع

(208) كلمة

 

الحقائق المستنبطة من الجدول رقم (3):

1- القصة تبدأ من الآية رقم (16) قوله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَبِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً) (مريم:16)

1-وتنتهي بالاية رقم (35) قوله تعالى : (مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (مريم:35)

2- عبارة (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَبِ مَرْيَمَ ) التي ابتدأت بها القصة تتألف من (16) حرفا حسب الرسم القرآني للمصحف الشريف لكونه توقيفي.

3- مجموع الكلمات في هذه الايات العشرين =(208) الذي هو من مضاعفات العدد (16) حيث ان (16x13=208).

4- مجموع كلمات الآية رقم (16) والآية رقم (32) والتي هي من مضاعفات العدد (16) = 10+ 6= 16 كلمة!!

5- الآية الأخيرة من المجموعة أعلاه هي الآية رقم (35) وتتألف من (16) كلمة بالضبط.   إذ أن هذا الجدول يبدا بالعدد(16) وينتهي بالعدد (16) أيضا. فتأمل!

 

(لَقَدْ أَحْصَهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً) [مريم: 94]:

 إن هذه الآية المباركة قد جاءت في اواخر سورة مريم موضوعة البحث، وتتالف من(16) حرفا (حسب الرسم القرآني للمصحف العثماني)!  فبعد أن ذكر الله عز وجل قصتها مع ولدها عيسى في بداية السورة ( من الآية 16 إلى الآية 35 )، والتي انتهت بقوله تعالى: (مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [ مريم: 35]، انتقل السياق القراني بعد ذلك الى موضوعات اخرى، ثم عاد في أواخر هذه السورة إلى نفس الموضوع،  ففند فرية اتخاذ الله عز وجل ولدا (حاشاه سبحانه وتعالى)، وذلك في قوله تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً) [مريم/ 88 ] الى قوله تعالى: (وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً، إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدا، لَقَدْ أَحْصَهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً، وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً)[ مريم 92 -95] نافيا بشدة اتخاذ الله سبحانه وتعالى ولدا. وجاءت اية الإحصاء والعد (لَقَدْ أَحْصَهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً) [مريم / 94] في سياق هذا الموضوع المهم والتي تتالف من (16) حرفا كما ذكرنا، لشد الانتباه الى هذا الموضوع الاعجازي العددي والتاشير على ان هناك قيمة احصائية في موضوع (عيسى بن مريم) له علاقة بالعدد (16) ومضاعفاته كمحور ربط و ضبط فيه والله اعلم.

 والباري عز وجل وبحكمته وتقديره لو لم يذكر هذه الاية(لَقَدْ أَحْصَهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً)، فان المعنى يبقى مستقيما ولا غبار عليه في قوله تعالى( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً، وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً). ولكن الله جل جلاله لهذا الامر وربما لامور اخرى جاء بهذه الاية الاحصائية بين هاتين الايتين لبيان الاعجاز العددي في هذا الموضوع والله اعلم بمراده!

 

ثانيا: رفع سيدنا عيسى ابن مريم الى السماء حيا ونجاته من القتل او الصلب

 

إن الآية الثانية التي ميز الله بها سيدنا عيسى ابن مريم عن بقية اخوانه من الانبياء والمرسلين أن رفعه إليه حيا، وأنقذه من القتل والصلب عندما تآمر اليهود وارادوا به ذلك كما هو واضح وصريح في قوله تعالى:

1- (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) [ النساء: 157 – 158].

2- (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ، إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [آل عمران: 54-55 ].

 فقد جاء في تفسير القرطبي في معنى قوله تعالى (متوفيك) ما يلي:  (وقال الحسن وابن جريج: معنى متوفيك قابضك ورافعك الى السماء من غير موت، مثل توفيت مالي من فلان اي قبضته.. وقال ابن زيد : متوفيك قابضك ، ومتوفيك ورافعك واحد ولم يمت بعد ..والصحيح ان الله تعالى رفعه الى السماء من غير وفاة ولانوم كما قال الحسن ابن زيد ، وهو اختيار الطبري ، وهو الصحيح عن ابن عباس ) [10].

 

نفي صلب وقتل المسيح :

(كما ينفي القران الكريم، ان يكون المسيح عليه السلام قد صلب او قتل في قوله عز وجل: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) [ النساء: 157 – 158]

يقول الطبري في تفسير هاتين الايتين  :

 واختلف أهل التأويل في صفة التشبيه الذي شبه لليهود في امر عيسى، فقال بعضهم: لما احاطت اليهود به وباصحابِه، احاطوا بهم، وهم لايثبتون معرفة عيسى بعينه، وذلك انهم جميعا حُولوا في صورة عيسى، فاشكل على الذين كانوا يريدون قتل عيسى، عيسى من غيره، وخرج من كان في البيت مع عيسى.... اما قوله جل ثناؤه:( بل رفعه الله اليه ) فانه يعني: بل رفع الله المسيح اليه، يقول: لم يقتلوه ولم يصلبوه، ولكن الله رفعه اليه، فطهره من الذين كفروا.

ويقول كل من البيضاوي والصابوني في تفسيرهما لعبارة (......وماقتلوه  وما صلبوه ولكن شبه لهم......) وما يشابه قول الطبري، لجهة ان الله سبحانه وتعالى حول صورة شخص اخر وجعله شبيها للمسيح عليه السلام، فقام اليهود بصلب وقتل ذلك الشبيه للمسيح عليه الصلاة والسلام. ولكن مهما كان المقصود بقوله (شبه لهم) اهو الشخص الذي قتلوه وصلبوه، ام هو حصول القتل والصلب على المسيح عليه السلام، بدليل قوله تعالى(وما قتلوه يقينا)، فيبقى ان القران الكريم ينفي القتل والصلب نفيا قاطعا وجازما بقوله :

 ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) [ النساء: 157 – 158]). [11]

وقد أنجى الله سبحانه وتعالى كثيرا من الانبياء والمرسلين وحماهم من المشركين كما في حالة سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام عندما القاه قومه في النار ليحرقوه فانجاه الله جل جلاله بان جعل النار بردا وسلاما عليه (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ) [الأنبياء:70]، وكذلك عندما تآمر ال فرعون على قتل موسى عليه السلام بعث الله عز وجل من ينبئه بالأمر وينصح له بالخروج من المدينة (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) [القصص:20]، فخرج من مدينته وتوجه الى مدين وبذلك نجاه الله تعالى من القتل.

لكنًّ المسيح لما تآمر عليه اليهود على قتله رفعه الله سبحانه تعالى اليه كما اخبر الله عن ذلك بقوله: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ، إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [ ال عمران:54-55] وقد كان بوسعه سبحانه وتعالى أن ينجيه من تلك المؤامرة بأي وسيلة شاء وهو على كل شئ قدير، والذي تكفل بحفظه بقوله ( وإذ كففت بني إسرائيل عنك) ]المائدة:110[ ولكنه أراد برفعة إلى السماء أن يري الناس تمام تلك الاية التي ارادها في خلقه للمسيح عليه السلام، وكذلك في رفعه وفي عودته (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ)[ مريم: 21]

(أضف إلى ذلك أن القران الكريم يخبرنا في الايات الثلاث الآتية ان الله سبحانه وتعالى قد أيد المسيح عليه السلام، بروح القدس (الذي هو جبريل عليه السلام) في قوله تعالى:

1- (وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) [البقرة:87 ].

2- (وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) [البقرة:253 ].

3- (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ)      [ المائدة:110]

 (يقول الالوسي في تفسيره للاية (87) من سورة البقرة (وخص عيسى عليه السلام بذكر التاييد بروح القدس لانه سبحانه وتعالى خصه به من وقت صباه الى حال كبره ، كما قال سبحانه وتعالى (إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً ) [المائدة : 110] ، ولانه حفظه حتى لم يدن منه الشيطان ، ولانه بالغ اثنا عشر الف يهودي لقتله ، فدخل عيسى بيتا فرفعه عليه الصلاة والسلام مكانا عليا .

فالروح القدس الذي حمى المسيح عليه السلام، وحفظه، منذ لحظة ميلاده، ومن مس ومكر الشيطان رغم مالهذا الاخير من قدرات، الايمكنه حمايته من مكر اليهود وأذاهم؟!!)[12]

وتجدر الإشارة أن الآيات الثلاث المذكورة أعلاه عن (روح القدس) تتناسب عدديا ايضا مع الآيات الثلاث التي خص الله بها سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام مميزا اياه عن بقية اخوانه من الانبياء والمرسلين ( ولادته العذرية، رفعه حيا عودته، ثم عودته رحمة للامة ) حيث ان الله عزوجل اراد ان يكون المسيح ابن مريم عليه السلام آية للناس وقد كرر القرآن الكريم ذلك في ثلاث آيات ايضا كما ذكرناها سابقا وهي:

1-(وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) [مريم: من الآية21].

2- (وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: من الآية 90].

3- (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) [المؤمنون: من الآية 50].

ولو عدنا الى آيات القرآن الكريم التي حدثتنا عن بقية سير الانبياء والمرسلين بمن فيهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (خاتم الانبياء والمرسلين) والرحمة المهداة الى العالمين لقوله عز وجل (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107]، لما وجدنا آية واحدة تصف ايا منهم بأنه كان (آية)، وعليه يكون المسيح عليه السلام وحده قد وصفه القرآن الكريم (بالآية) من دون سائر اخوانه الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.

فتأمل هذا التناسق الرائع بين الايات الثلاث عن (روح القدس) مع ذكر (عيسى ابن مريم) فيها ثلاث مرات، والايات الثلاث عن سيدنا عيسى ابن مريم بكونه (آية) للناس، وكذلك آياته ومعجزاته الثلاث ايضا موضوعة البحث (ولادته العذرية، رفعه حيا إلى السماء، ثم عودته رحمة للناس) كما أن كلمة (آية) تتألف من أحرف ثلاثة!

 

الإشارات الإحصائية القرآنية المتعلقة بالعدد (16) ذات الدلالة برفع سيدنا عيسى حياً:

ذكرنا ان العدد (16) هو محور الضبط والربط في معجزة خلق سيدنا عيسى ابن مريم ولكن ماهي علاقته في موضوع رفعه حيا الى السماء ونجاته من القتل او الصلب؟!

يمكن تلخيص ذلك بالقرائن الاتية :

1- ان الايتين 157-158 من سورة النساء التي نصتا على ذلك وهما: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً)    [ النساء: 157 – 158] تتالف من (160) حرفا.

فان الاية الاولى تتالف من (128) حرفا، وهذا العدد من مضاعفات (16)

 حيث ان (8X16 = 128)

وكذلك فان الآية الثانية تتألف من (32) حرفا وهذا العدد ايضا من مضاعفات (16) حيث ان (2X16=32) ، ومجموعهما سيكون بالطبع من مضاعفات العدد (16) كذلك ، حيث ان (128+32=160) فتأمل!!

2- وفي قوله تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) [النساء:157] تتألف من(16) كلمة بالضبط.

3-  كماان قوله تعالى: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ) تتألف من (16) حرفا أيضا!

4- إن كلمة (الرفع) التي وردت بخصوص رفع سيدنا عيسى حيا الى السماء ونجاته بتقدير من الله سبحانه وتعالى قد وردت في موضعين منفردين في القرآن الكريم لم يتكررا في جميع القرآن الكريم

 الاول: في سورة آل عمران (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (آل عمران:55)

والثاني: في سورة النساء (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) [النساء:158]. والكلمتان (رافعك) و(رفعه) وردتا كل منهما مرة واحدة فقط في القرآن الكريم.[13]  

والامر العجيب ان الفرق بين هاتين الكلمتين في حساب عدد الآيات من الآية رقم (55) في سورة آل عمران الى الآية رقم (158) من سورة النساء التي تليها في الترتيب في المصحف الشريف هو (304) آية، وهذا العدد من مضاعفات (16) .حيث ان (16X19=304) فتأمل ايضا ولاحظ هذا الربط الدقيق !

 

ثالثاً: عودة عيسى ابن مريم ونزوله حياً رحمة للناس (مجيئه الثاني)

 

وان الآية الثالثة التي يتميز بها سيدنا عيسى ابن مريم عن بقية اخوانه من الانبياء والمرسلين هو نزوله حيا وعودته لاقامة الشريعة والعدل، فأن الله عز وجل من رحمته وكما رحم البشرية بأرسال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فانه سيرحمها ثانية بنزول سيدنا عيسى ابن مريم رحمة وهداية للناس جميعا قبل قيام الساعة، وكعلامة من علاماتها الكبرى, كما سبق وأن ارسله الى بني اسرائيل رحمة وهداية وكذبوا به وأرادو قتله ورفعه الله حيا كما نص على ذلك في بعض من الآيات القرآنية الكريمة المذكورة اعلاه.

ومن الآيات القرآنية والاحاديث النبوية التي تبشر بعودة عيسى ابن مريم ومجيئه الثاني :

اولأً : من الآيات القرآنية - قوله عزوجل:

1- (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) [النساء:159] والمقصود في قوله تعالى (قبل موته) كما جاء في التفاسير اي قبل موت سيدنا عيسى وذلك بعد نزوله وعودته رحمة للبشرية وانقاذا لها. ويؤكد بأن اهل الكتاب يومها سيؤمنون به وبحقيقة رسالته .

2- (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) [الزخرف:61]  (يقول الطبري في تفسيرهذه الآية (اختلف اهل التأويل في الهاء التي في قوله عزوجل (وانه) وما المعني بها ومن ذكر ماهي فقال بعضهم هي من ذكر عيسى ، وهي عائدة عليه وقالوا معنى الكلام : وان عيسى ظهوره علم يعلم به مجيئ الساعة، لأن ظهوره من اشراطها ونزوله الى الارض دليل على فناء الدنيا واقبال الآخرة).[14]  

 

ثانيا: من الاحاديث النبوية- قوله صلى الله عليه وسلم:

1- (لا تقوم الساعة حتى ينزل عيسى ابن مريم حكما مقسطا واماما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله احد).[15]

2- (الانبياء اخوة لعلات (اي ابوهم واحد)، ودينهم واحد وأمهاتهم شتى وانا اولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي وانه نازل فأذا رأيتموه فأعرفوه... فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويعطل الملل حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الاسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب وتقع الامنة في الارض حتى ترتع الابل مع الاسد والذئاب مع الغنم فيمكث ما شاء الله ان يمكث، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنوه).[16]

 

الاشارات الاحصائية القرانية المتعلقة بالعدد (16) ذات الدلاله على عودة عيسى ابن مريم رحمة للبشرية :

والآن سنذكر أهم الإشارات الإحصائية في القرآن الكريم ذات العلاقة بالعدد(16) ومضاعفاته التي تدل على عودة المسيح ومجيئه الثاني كمحور ضبط وربط في هذا الموضوع، كما أثبتنا ذلك في الموضوعين السابقين (ولادته العذرية ورفعه حيا الى السماء) وذلك في المؤشرات الثلاث آلاتية:

1- (الرحمن) في القرآن وفي سورة مريم:

لقد تكررت كلمة (الرحمن) في في القران الكريم (57) مرة وفي سورة مريم موضوعة البحث تكررت (16) مرة بالضبط.[17]  أي بنسبة 30% تقريبا في هذه السورة لوحدها، وبعدد اكثر من اي سورة اخرى في القران ، حتى ان سورة (الرحمن) في القران الكريم قد جاءت كلمة (الرحمن) فيها مرة واحدة فقط! وذلك في قوله تعالى: (الرحمن، عَلَّمَ الْقُرْآنَ) [الرحمن:1-2[

 كما مبين في الجدول رقم (4) ادناه:

 

جدول رقم (4): يبين تكرار كلمة (الرحمن) في (سورة مريم) مع ذكر رقم ونص الاية حسب ترتيب ورودها في السورة المذكورة

ت

رقم الاية

نص الاية

1

18

قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً

 

2

26

فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً

3

44

يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً

4

45

يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً

5

58

أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً

 

6

61

جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً

7

69

ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً

 

8

75

قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً

9

78

أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً

10

85

يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً

 

11

87

لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً

 

12

88

وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً

13

91

أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً

14

92

وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً

15

93

إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً

 

16

96

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً

 

الحقائق المستنبطة من الجدول رقم(4) :

1- ان تكرار كلمة (الرحمن) في سورة مريم هو (16) ،ابتداءاً من الآية رقم (18) وانتهاءاً بالآية (96) كما مبين في الجدول اعلاه علما ان عدد ايات هذه السورة هو (98) آية .

2- ان التسلسل رقم (6) في الجدول يظهر الآية رقم (61) من السورة. واذا كتبنا العددين اعلاه بشكل مصفوف فان الناتج يكون (616) . وهذا العدد يظهر فيه العدد (16) في منزلة الآحاد والعشرات ، والعدد (61) الذي هو معكوس العدد(16) في منزلة العشرات والمئات .

3- ان الاية رقم (96) ذات التسلسل (16) في  الجدول اعلاه هي من مضاعفات العدد (16) ايضا حيث ان: (16X6=96) .

 واذا ما دققنا في الحكمة من تكراراسم (الرحمن) الذي هو من أسماء الله الحسنى الفريدة في صفاته (لكونه من أسماء الذات) ، لعرفنا السبب وهو (والله اعلم) ان في هذه السورة تتجلى الرحمة الالهية للبشرية بهدايتهم الى العقيدة الصحيحة والمنهاج القويم في هذه الحياة وصولا الى رضوان الله وسعادتهم في الدنيا والاخرة, وذلك عن طريق ارسال الانبياء والمرسلين وانزال الكتب السماوية كما ورد في هذا السياق في الآيات الاتية في هذه السورة المباركة:

·       (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) [مريم: 2] .

·  (قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً) مريم: 21. والكلام هنا عن سيدنا عيسى عليه السلام

·  (وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً) [ مريم: 50 ]. والكلام هنا عن سيدنا ابراهيم واسحق ويعقوب عليهم الصلاة والسلام.

·       (وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً)[مريم: 54]. والكلام هناعن سيدنا موسى عليه السلام.

فتبين من ذلك ان الله عز وجل اعطى جزءا من رحمته (ابراهيم واسحق ويعقوب)، ورحم موسى بهارون، وارسل عيسى رحمة للناس، وميز سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عنهم بان اعطاه الرحمة كلها، فارسله رحمة للعالمين. قال تعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107]

وفي شرح اسم (الرحمن) يقول الامام ابو حامد الغزالي (المتوفي عام 505هـ) في كتابه (المقصد الاسنى في شرح أسماء الله الحسنى) ما نصه (الرحمن أسم مشتق من الرحمة ةالرحمة تستدعي مرحوما ولا مرحوما الا وهو محتاج....والرحمن أخص من الرحيم ولذلك لا يسمى به غير الله والرحيم قد يطلق على غيره فهو من هذا الوجه قريب من اسم الله الجاري مجرى العلم (لأنه دال على الذات الجامعة للصفات الالهية كلها ولا يطلق على غيره لا حقيقة ولا مجازا) وأن كان هذا مشتقا من الرحمة قطعا, ولذلك جمع الله بينهما فقال:

(قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الاسراء: 110]. فالرحمن هو العطوف على العباد بالايجاد اولا, وبالهدآية الى الايمان وأسباب السعادة ثانيا, وألاسعاد في الاخرة ثالثا ، والانعام بالنظرالى وجهه الكريم رابعا)[18].

من اجل ذلك ولغيره – والله اعلم- تكررت كلمة (الرحمن) في هذه السورة أكثر من غيرها لتضفي عليها جوا من الرحمة التي تتمثل بها هذه الصفة المتميزة للبارئ عز وجل (الرحمن الرحيم), والتي جاءت متناسقة معنىً وعددا مع تكراراسم سيدنا (عيسى ابن مريم) والعدد (16) ايضا في سورة مريم ،  في اعجاز علمي ورقمي جديد وفريد للقرآن الكريم, يقرب لنا مفهوم عودته ونزوله حيا رحمة للامة وانتصارا للحق والاسلام ، كما قرب لنا معجزة خلقه في حالة خلق ذكر النحل من بيضة غير ملقحة ، ناتجة عن الملكة الحقيقية او الملكة الكاذبة العذراء من دون تلقيح من ذكر كما بيناه آنفا.

وفي شرح قوله صلى الله عليه وسلم (فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ) كناية عن ابطال العقيدة الزائغة في الصلب والفداء والتثليث (فيكسر الصليب)، وكذلك في ابطال الشريعة المحرفة (ويقتل الخنزير)، حيث ان الديانة النصرانية قد حرفت من قبل شاؤول اليهودي الذي يلقب بـبولص الرسول أولا، ومن قبل الامبراطور قسطنطين فيما بعد ثانيا. فيقوم سيدنا المسيح باعادتهما الى قواعدهما الاصلية الصحيحة كما نزلت عليه، حيث أن شريعة بني اسرائيل التي جاءت بها التوراة والتي اتبعها سيدنا المسيح ابن مريم كانت تحرم بالاصل اكل الخنزير ولم يأت المسيح بشريعة جديدة او اي شئ يخالف تعاليم التوراة فقد جاء في الاصحاح (14) من تثنية الاشتراع ( لا تأكل أية قبيحة... فهي نجس لكم وكذلك الخنزير ، فمع انه ذو حافر مشقوق ، لكنه لايجتر،فهو نجس لكم ، لاتأكلوا شيئاً من لحمها ولا تمسوا ميتتها )[19]

وجاء في انجيل متّى قول المسيح عليه السلام (لاتظنوا أني قد جئت لأنقض الشريعة او الانبياء، ماجئت لأنقص بل لأكمل. الحق الحق اقول لكم ، لن يزول حرف او نقطة من الشريعة حتى يتم كل شئ ) متّى 5/17: 19 .

اما عقيدة الصلب والفداء والتثليث فهي دخيلة ومبتدعة ايضا على الديانة النصرانية كما هو معلوم من قبل بولص، لأن سيدنا عيسى ابن مريم لم يصلب اصلا بل رفعه الله اليه كما جاء في القرآن الكريم وذكرناه سابقا كما انه لم يدعّ الألوهية أو انه ابن الله بل جاء بالتوحيد الخالص وكذلك بالنسبة لوالدته مريم العذراء البتول عليهما السلام.

(لقد ابتدع بولص نظرياته الخاصة في التوحيد المركب، تلك النظريات الوثنية المعقدة والمتناقضة ، التي خاطها عبر رسائله الثلاثة عشر دون اي دليل او برهان ، الا بنات افكاره ، التي سرحت بعيدا عن يسوع المسيح الذي لم يعرفه بولص اطلاقا ، وبعيدا عن رسله وتلاميذه ، الذين كان يكن لهم حقدا لايوصف ويكنون له حقدا لايوازيه حقد . معتقدا انه الوحيد بين بني البشر من يحمل سر المسيح ، عن طريق مكاشفات الهية خاصة ، وكذلك عن طريق اوهام اختلقها بصعوده الى السماء الثالثة والفردوس ، حيث تلقى كلمات لاتلفظ ولايحق لأنسان ان يذكرها . وللأسف الشديد لبست الكنيسة ماحاكه لها بولص دون وعي او ارادة او تبصر بالعواقب ، عندما ضمت رسائله للكتاب المقدس ، فحولت الديانة المسيحية الى ديانة وثنية ، محت فيها كل اصولها التوحيدية الثابتة والتي وردت صريحة وواضحة في الاناجيل على لسان يسوع المسيح ورسله ، وكذلك مناقضة لكل الرسائل السماوية ..........

والخلاصة أن عقيدة الفداء والخلاص هي عقيدة لاتتماشى مع العقل والمنطق ولايمكن للفطرة السليمة ان تهضمها الا اذا عزلنا العقل عن حجيته . وهي حالة غريبة مستهجنة تناقض حكمة الخالق وعدله ، لايبقى من داع معها لأرسال الرسل والانبياء لتعليم البشر الاخلاق والمثل العليا ولاحاجة بعد ذلك لثواب وعقاب وجنة ونار ، حيث يتساوى الجميع المحسن والمسئ بنعمة الخلاص !

بهذا التناقض الغريب الذي زرعه بولص بغرسه تلك العقيدة ارتكب اعظم جناية بحق الرسالة التي جاء بها السيد المسيح ، بل انه اكثر من ذلك ارتكب اكبر جريمة بحق البشرية جمعاء عندما تحلل من كل الشرائع فترك الباب مفتوحا لارتكاب كل الجرائم والمخالفات بحجة نعمة الخلاص بالمسيح !)[20]

 

4- (اله واحد) في القرآن :

  لقد اختص الله سبحانه وتعالى نفسه بصفة الربوبية والالوهية والوحدانية، وانه واحد احد فرد صمد، لم يلد ولم يولد، وبذلك يرد على الذين يقولون ان رسول الله (عيسى ابن مريم) عليه السلام هو الله او هو ابن الله (تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا).  لذلك نجد ان في القران الكريم تناسقا صريحا في وصفه سبحانه وتعالى لذاته العليا في عبارة واحدة انه (اله واحد). فقد وردت هذه العبارة في (16) آية من آيات القرآن الكريم [21] تاكيدا على وحدانيته سبحانه وتعالى وتناسقا رائعا مع تكرار عبارة (عيسى ابن مريم ) عبدالله ورسوله وغيرها من الموشرات الكثيرة المذكورة في البحث ذات العلاقة بالعدد (16)، وهذا شاهد عددي آخر من القران الكريم يصب في محور العدد (16) للتاكيد على عقيدة التوحيد وقدرة الخالق (الاله الواحد) في خلق(عيسى ابن مريم) من ام دون أب، كما خلق (ذكر النحل) من بيضة غير مخصبة او من بيوض النحلة الشغالة (العقيمة) من دون تلقيح من

ذكر، كما فصلناه سابقا والايات الكريمات ال(16) فقط التي تحوي على ذات العبارة (اله واحد) كما مبين في الجدول رقم (5) ادناه.

 

 

 

 

جدول رقم (5): يبين عبارة (اله واحد) الواردة في القرآن الكريم حسب ترتيبها في المصحف الشريف مع ذكر اسم السورة ورقم الآية التي وردت فيها

ت

اسم السورة

رقم الاية

نص الآيه

1

البقرة

133

قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً

2

البقرة

163

وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ

3

النساء

171

 وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ

4

المائدة

73

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ

5

الانعام

19

 قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ

6

التوبة

31

 وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ

7

ابراهيم

52

هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ

8

النحل

22

إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ

9

النحل

51

وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ

10

الكهف

110

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ

11

الانبياء

108

قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُون

12

الحج

34

 فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِين

13

العنكبوت

46

 وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ

14

الصافات

4

إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ

15

ص

5

أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ

16

فصلت

6

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ

 

 

 

 

 

 وجميع الايات المذكروة ذات الصلة بعبارة (اله واحد) تخاطب الناس بصورة عامة ، والمشركين بصورة خاصة .

وقد لاحظنا ان هناك ثلاث ايات فقط تخاطب اهل الكتاب ( من اليهود ومن النصارى على وجه الخصوص) في الرد عليهم ونهيهم عن الشرك في اتخاذ انبيائهم او احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله خاصة سيدنا(عيسى ابن مريم) موضوع البحث، وذلك لنفي صفة الالوهية عنه وانه رسول كريم وبشر وان لا تنسحب اياته الثلاث التي تفرد بها عن بقية اخوانه من الانبياء والمرسلين في ولادته العذرية ورفعه حيا وعودته رحمة للامة على كونه اله ،فيتصورون انها من صفات الالوهية ، لذلك جاءت هذه الايات الثلاث المذكورة ادناه في التركيز على عبوديته لله سبحانه وتعالى الذي هو (الاله الواحد) لتكون متناسقة ومتطابقة في المعنى والمبنى مع الثلاثيات الاخرى المذكورة في البحث.

والآيات الكريمات الثلاثة  هي قوله تعالى :

1.  (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً)[ النساء : 171] .

2.  (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [المائدة : 73] .

3.  (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)  [التوبة : 31] .

 

3- (سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) في القرآن:

كذلك فإن في القران الكريم (16) اية  بالضبط تنفي ان يكون الله سبحانه وتعالى قد اتخذ له ولدا [22] وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك بأساليب مختلفة رائعة في النظم والبيان ومتناسقة في المعنى والبرهان . وهذا الرقم يتناسق مع تكرار عبارة (اله واحد) وعبارة (عيسى ابن مريم) عبد الله ورسوله المذكورتين سابقا وكما مبين في الجدول رقم(6) ادناه :

جدول رقم(6): يبين عبارة (ولم يتخذ ولدا)  ومرادفاتها في القران الكريم مع بيان اسم السورة ورقم ونص الاية الكريمة  حسب ترتيب ورودها في المصحف الشريف

 

 

ت

اسم السورة

رقم الاية

نص الاية

1

البقرة

116

(وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ)

 

2

النساء

171

(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً)

3

الانعام

101

(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)

4

يونس

68

(قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)

 

5

الاسراء

111

(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً)

 

6

الكهف

4

(وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً)

 

7

مريم

35

(مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)

8

مريم

88

(وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً)

9

مريم

91

(أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً)

10

مريم

92

(وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً)

 

11

الانبياء

26

(وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ)

12

المؤمنون

91

(مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ)

 

13

الفرقان

2

(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)

14

الزخرف

81

(قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ)

 

15

الزمر

4

(لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)

16

الجن

3

(وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً)

 

 

 

الحقائق المستنبطة من الجدول رقم (6):

1- ان الاية الاولى في هذا الجدول تحمل الرقم (116) من سورة البقرة ويظهر لنا فيها العدد(16) الذي هو محور الربط والضبط في هذا الموضوع .

2- ان الاية الثانية في هذا الجدول ذات الرقم  (171)  من سورة النساء (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً) تشتمل على المحاور الثلاث التي لها علاقة بالعدد (16) وهي :

اولا: عبارة (عيسى ابن مريم) موضوع الجدول رقم (2) كما ورد سابقا .

ثانيا: عبارة (انما الله اله واحد)  موضوع الجدول رقم(5) كما ورد سابقا.

ثالثا : عبارة (سبحانه ان يكون له ولد). موضوع الجدول رقم (6) اعلاه

حيث ان كل منها قد ورد في القران الكريم (16) مرة!! فتامل هذا التناسق الرائع والاعجازي العددي القراني الذي يعطي لنا القرائن الاحصائية في بيان وتعزيز هذه الامور العقائدية الغيبية كما هو الحال في القرائن العلمية.

واذا ما علمنا ان (الرحمن) جل جلاله قد تكرر اسمه في سورة مريم (16) مرة بالضبط ايضا (كما جاء في الجدول رقم 4) ليضفي جوا من الرحمة على هذه السورة وسيرحم الناس ايضا بالمجيء الثاني لسيدنا (عيسى ابن مريم) وعودته حيا لانقاذهم واقامة الاسلام (دين التوحيد الخالص والشريعة القويمة) كما قلنا وبذلك يبطل العقائد الشركية والمحرفة التي ابتدعها بولص ومن تبعه بحقه، ومنها انه اله او ابن اله! كما ورد في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) [المائدة:116].

ويظهر لنا العدد (16) ايضا في رقم هذه الآية المباركة من سورة المائدة التي تبين للناس عقيدة التوحيد الخالص وانه عيسى وامه عليهما السلام بشر. وان الله جل ثناؤه (اله واحد) لاشريك له وانه سبحانه (لم يتخذ ولدا) كما جاء في الجدولين رقم (5) و(6).  وانه عليه السلام  سيموت ويدفن في المدينة المنورة  كما جاء في الحديث الشريف: عن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنه) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: (يخرج الدجال في امتي فيمكث اربعين ، لا ادري اربعين يوما او اربعين شهرا او اربعين عاما. فيبعث الله عيسى ابن مريم كانه عروة ابن مسعود، فيطلبه فيهلكه.

 ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنينعداوة) رواه الامام مسلم. وقال عبد الله بن سلام (رضي الله عنه) :(مكتوب في التوراة صفة محمد وصفة عيسى صلى الله عليهما وسلم، ويدفن عيسى مع محمد صلى الله عليه وسلم) رواه الترمذي بسند حسن. وقال ابو هريرة (رضي الله عنه ): اقرؤا ان شئتم قوله تعالى:

(وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) [النساء:159].

 أي انًّ النصارى جميعا وغيرهم من اهل الكتاب سيؤمنون برسالة سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام التوحيدية الخالصة بعد نزوله حيا من السماء وقبل موته.

وبذلك يتحقق لنا الربط بين (الرحمن) في سورة مريم موضوعة البحث والعبارتان (اله واحد) و(سبحانه ان يكون له ولد) موضوعيا في القران الكريم، كدليل على عودته البشرية رحمة للناس . وكذلك عدديا بين هاتين العبارتين اللتين تكررتا في القران الكريم (16) مرة بالضبط مع اسمه الكامل (عيسى ابن مريم) الذي جاء (16) مرة بالضبط ايضا في القران الكريم .

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

 

 

الخاتمة

هذه اهم القرائن العلمية والاعجازية العددية و الاحصائية في القران الكريم  ذات العلاقة بالعدد(16) ومضاعفاته كمحور ضبط وربط في بيان الحقيقة الباهرة والاية المعجزة (عيسى ابن مريم) ، والتي تفسر لنا انه عبد مخلوق ابن السيدة العذراء البتول (مريم ابنة عمران) ، لا اب له ، انه نبي ورسول ، وليس اله او ابن اله! وهو اية ومعجزة اولا في خلقه وولادته ، واية ومعجزة ثانيا في نجاته ورفعه الى السماء ، واية ومعجزة ثالثا في نزوله وعودته مرة اخرى رحمة للبشرية ، فضلا عن معجزاته الكثيرة في حياته عليه السلام .

لقد حاول المتكبرون الاثمون واليهود المجرمون الحاقدون ان يقتلوه ويحرفوا رسالته ، ولكن لم يستطيعوا ذلك ولم تنته بعد ، كما ان حياته لم تنته بعد ، فنجاه الله من بين ايديهم وحرم على الصليب لحمه وعلى المسامير اختراقه ، ورفعه الله حيا الى السماء وهو الان فيها في حفظ الله ورعايته ، وسيعود الى الحياة الدنيا عندما يريد ذلك رب العزة ، وسيكمل الرسالة ويصحح المفاهيم بجلاء ووضوح . انه وعد الله ، وانه آت لامحالة ، وهذا الواقع يتطلب ذلك في عالم عمَّ فيه الظلم والطغيان وانتشرت فيه المنكرات والفساد .

اننا بانتظار قدومك ايها الرسول الكريم والمصلح العظيم يا ابن مريم العذراء البتول !

والحمد لله رب العالمين

 

الدكتور محمد جميل الحبال

طبيب استشاري / باحث في الاعجاز العلمي والطبي في القران الكريم والسنة النبوية

 

الموصل  /  العراق                                                             21/7/2005

e-mail: alhabbal45@yahoo.com

 

 

المصادر:

1.   ابن كثير الدمشقي – البداية والنهاية – مجلد 1-2 مكتبة المعارف – بيروت (بدون سنة)

2.   أبو حامد الغزالي – المقصد الاسنى في شرح أسماء الله الحسنى – من منشورات محمد علي بيضون – دار الكتب العلمية, بيروت (2001م)

3.   الفخر الرازي– التفسير الكبير – الطبعة الأولى – مؤسسة المطبوعات الإسلامية - القاهرة (بدون سنة).

4.   أسامة عبد الغني –  الإنجيل الحق يتجلى بعد محاكمة بولس –  المنهج العلمي للدراسات والنشر –   بيروت (2001م).

5.   اسامة كامل ابو شقرا – المسيح في القران – بيروت ( 2004 م ) .

6.    القرطبي  –   الجامع لاحكام القران – دار الكتاب العربي للطباعة والنشر - القاهرة  (1967 م ) .

7.   لقمان ابراهيم القزاز – مملكة النحل والعدد (16) – مجلة آيات – العدد 8– ص 34-36 (2004م)

8.   عبد المنعم محمد الحنفي – من أوجه الإعجاز العلمي في عالم النحل – هيئة الإعجاز العلمي في القران والسنة – مطابع رابطة العالم الإسلامي – مكة المكرمة –          (بدون سنة) .

9.   محمد أنور شاه الكشميري –  التصريح بما تواتر في نزول المسيح –مراجعة وتحقيق عبد الفتاح أبو غدة – ط5 , دار القلم – بيروت (1992م).

10.   محمد فؤاد عبد الباقي– المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم  – الطبعة الرابعة

          دار المعرفة – بيروت(1994م)

11.   محمد جميل الحبال – العلوم المعاصرة في خدمة الداعية الإسلامي – مطابقة الحقائق العلمية للآيات القرآنية – دار المنهاج القويم – دمشق(2005م).

12.   مزاحم الصائغ وعبد الرحيم مصطفى – المدخل الى تربية النحل – مطبعة الزراعة – اربيل (2003 م ).

13.   محمد سليمان الأشقر –زبدة التفسير في فتح القدير- ط2 –  وزارة الأوقاف والشؤون الدينية - الكويت (1988 م)

14.   هاني عرموش – النحل والتداوي بعسله وعكبره وسمه  – دار النفائس–  بيروت (2002م) .

 


 

[1] - لزيادة التفصيل عن هذا الموضوع راجع كتابنا – العلوم المعاصرة في خدمة الداعية الاسلامي- مطابقة الحقائق العلمية للإيات القرآنية- دار المنهاج القويم –دمشق(2005 م )

[2] - محمد سليمان الاشقر- زبدة التفسير في فتح القدير ، ص55

[3] - عبد المنعم محمد الحفني – من اوجه الاعجاز العلمي في عالم النحل  - ص 18 – 19

[4] لزيادة التفاصيل عن الحقائق العلمية المذكورة اعلاه بخصوص (النحل في العلم) يمكن الرجوع اليها من المصادر رقم (7 و8 و12و13) المؤشر عليها في قسم المصادر في اخر البحث .
[5]- الحافظ ابن كثير – البداية والنهاية. 1-2\78.

[6] - (لزيادة التفاصيل عن هذا الموضوع يراجع فصل: المعجزة الخالدة المتجددة - ص 359-367، من كتاب (الانجيل الحق يتجلى بعد محاكمة بولص) تأليف اسامة عبدالغني المصدر رقم(4).

[7] - محمد فؤاد عبد الباقي- المعجم المفهرس لالفاظ القرآن الكريم, كلمة (مريم) وعبارة (عيسى ابن مريم) ص 840 .

[8] - محمد فؤاد عبد الباقي – المعجم المفهرس لالفاظ القران الكريم - كلمة (مريم) – ص 839 – 840 .

[9] - الفخر الرازي – التفسير الكبير - 23\103.

[10] - القرطبي - الجامع لأحكام القرآن – 4/100  .

[11] -- اسامة أبو شقرا-المسيح في القرآن.ص186-188 (بتصرف)

 [12] - اسامة ابو شقرا – المسيح في القران ، نفي صلب وقتل المسيح - ص 186- 190  .

 13] - محمد فؤاد عبدالباقي- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم- كلمة (رافعك) وكلمة (رفعه)- ص410 .

[14] - أسامة أبو شقرا-المسيح في القرآن - ص105

[15] -  رواه الامام أحمد في مسنده عن ابي هريرة رضي الله عنه  2\494.

[16]  - رواه الامام احمد في مسنده 2\437 , وابن حجر في فتح البارئ 6\357 عن ابي هريرة ايضا.

[17]  محمد فؤاد عبد الباقي – المعجم المفهرس لالفاظ القران الكريم ، كلمة (الرحمن)- ص 389 – 390  

[18]  أبو حامد الغزالي – المقصد الاسنى في شرح اسماء الله الحسنى - 2\14

[19]  الكتاب المقدس (العهد القديم) تثنية الاشتراع 14/3: 8 / دار المشرق /بيروت (1986)

[20] - اسامة عبد الغني / الانجيل الحق يتجلى بعد محاكمة بولص / ص163- 164 و ص320

[21] - محمد فؤاد عبد الباقي-المعجم المفهرس لالفاض القران الكريم - كلمة (واحد) ،وكلمة (واحدا) – ص 913

[22] - محمد فؤاد عبد الباقي-المعجم المفهرس لالفاض القران الكريم - كلمة (ولد) و كلمة( ولدا) – ص 930