القرآن وقاء وشفاء

 

 

 

 

 

الدكتور محمد جميل الحبَّال

استشاري الطب الباطني

مستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام

المملكة العربية السعودية

عضو وزميل الكليات الطبية الملكية البريطانية

وباحث في الاعجاز الطبي في القرآن والسنة

MRCP(UK),FRCP ( Edin) ,FRCP(London)

 

E-mail:alhabbal45@yahoo.com

 

 

 

 


 

المقدمة

القران الكريم كتاب هداية وإرشاد ونور انزله الله عز وجل على قلب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم، ومن الشرك وعبادة الأهواء والأصنام البشرية والحجرية إلى التوحيد الخالص وعباده الله الواحد القهار، قال تعالى )  الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ  ( " إبراهيم : 1 " )  إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا  ( " الإسراء: 9 " وهذا النور والهدي القرآني عام لجميع البشر وشامل لكل مناحي الحياة وفي كل زمان ومكان هادفاً لتكوين الإنسان الصالح والمجتمع الفاضل وصولاً لتحقيق السعادة لهم في الدنيا والآخرة ، قال تعالى )   وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ  ( " الشورى:52 "

 

لذلك فقد أودع الله سبحانه وتعالى كتابه الحكيم من الأركان الإيمانية والشعائر التعبدية والشرائع والأحكام الدنيوية ما يحقق لهم ذلك كذلك ضمنه التوجيهات الأخلاقية والاجتماعية والتوصيات الصحية (وقاية وعلاجاً في الجانبين النفسي والعضوي – القلبي والبدني) ما يضمن إتزان الإنسان واستقرار نفسيته والمحافظة على صحته لتحقيق الهدف المذكور أعلاه ، حيث أن الإنسان من دون تمتعه بالصحة والعافية النفسية – العقلية والجسدية العضوية – سوف لن يستطيع القيام بواجباته الدينية والدنيوية ولعبادته لله عز وجل وتحقيق إعمار الأرض التي استخلفه الله جلت قدرته وسخرها له للانتفاع بخيراتها وإقامة شرعه عليها ، قال تعالى : ) وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ  ( " الجاثية :3 " ، فكيف يستطيع الإنسان المؤمن القيام بهذه الواجبات إذا كان مريضاً أو مصاباً بقدراته الذهنية والجسدية ؟!

 

لذلك فإن الوقاية من هذه الأمراض على اختلاف أنواعها ومحاولة الحد منها ومنع انتشارها ومعالجتها في حالة حصولها هو من الأمور المطلوبة والواجبة شرعاً وعقلاً، لذلك يقول الإمام الشافعي (صنفان لا غنى للناس عنهما : العلماء لأديانهم والأطباء لأبدانهم). فإن العلوم الطبية بأنواعها المختلفة وتخصصاتها المتعددة أصبحت من الأمور الواجبة للمحافظة على صحة الإنسان وقاية وعلاجاً  (وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)  كما تقول القاعدة الأصولية.

 

محاور البحث :

والآن وبعد أن عرفنا أهمية موضوع الوقاية والعلاج للمحافظة على صحة الإنسان النفسية (القلبية) والعضوية (البدنية)، فما هو دورا القرآن الكريم في ذلك؟

للجواب على هذا السؤال الهام فأننا سنناقش الموضوع من خلال المحاور التالية:

المحور الأول : إتباع المنهج القرآني في الحياة.

المحور الثاني : التعاليم الإسلامية ( القران والسنة النبوية ) في :

1-    الوقاية من الأمراض .

2-    العلاج من الأمراض .  

المحور الثالث : دور القران الكريم – حفظاً وتلاوة أو سماعاً ودور الرقية الشرعية للوقاية والعلاج من الأمراض بأنواعها النفسية والعضوية بالنسبة :

1-    للشخص نفسه ( ذاتياً )

2-    بالنسبة للآخرين ( تلاوة أو استماع )

المحور الرابع : متى وكيف تحصل الفائدة من القران الكريم كعلاج ومن هم المستفيدون منه ؟!


 

المناقشة :

المحور الأول : إتباع المنهج القرآني في الحياة

إن إتباع المنهج القرآني في أساليب الحياة وأنماطها هو السبيل الناجع للوقاية والعلاج من العلل الاجتماعية والأخلاقية والأمراض النفسية والعضوية قال تعالى : ) إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (  " الإسراء :9 " .

 

حيث أن الله عز وجل عندما خلق الإنسان وجعله خليفته في الأرض وانزل له القران ليكون له هداية ومنهاجا جعل خلقه يتوافق مع تنزيله قال تعالى : )  قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ( " الفرقان : 9 " لذلك فان إتباع المنهج القرآني وأنماطه في الحياة سيؤدي إلى إصلاح الإنسان والمحافظة على صحته النفسية والعضوية قال تعالى : ) فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى  ( " طه:123 "

 

وإذا نظرنا إلى التعاليم الإسلامية في الحياة ( من آيات قرآنية وأحاديث نبوية ) من أوامر ونواهي وواجبات ومستحبات ومكروهات وفرائض وسنن وغيرها لوجدنا أنها جميعا تصب في الطب الوقائي والمحافظة على صحة الفرد والمجتمع ولو توفرت في بلادنا العربية والإسلامية مراكز أبحاث لدراسة وبيان نسبة حدوث والإصابة بالأمراض النفسية والعضوية ومقارنتها بالمجتمعات الغربية أو غير الإسلامية لوجدنا إحصائياً نتائج تدل على قلة حدوثها في بلادنا بالرغم من ضعف التزامها بهذه التعاليم وكلما كان التزام الفرد والمجتمع بهذه التوجيهات القرآنية والنبوية تكون نسبة الإصابة بهذه الأمراض أقل ، وهذا ما يدركه بوضوح من عمل من الأطباء في المجتمعين الإسلامي والغربي خاصة في حدوث حالات الانتحار[1] .

وقد جاء في ( إعلان عمان لتعزيز الصحة بإتباع أنماط الحياة الإسلامية ) لمنظمة الصحة العالمية للشرق المتوسط في الندوة التي عقدتها المنظمة في عمان بتاريخ 23-26/ حزيران /يونيو 1989م عن اثر التثقيف الصحي من خلال تعاليم الدين الإسلامي في ص5-6: ما نصه : لنمط الحياة الذي يتبعه الإنسان اثر رئيسي على صحته وعافيته .

  • تشتمل أنماط الحياة الإسلامية على كثير من الأساليب الايجابية المعززة للصحة وتأبى جميع السلوكيات السلبية المنافية للصحة .

  • الإسلام كما يعّرفه القران هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها فالالتزام بأنماط الحياة الإسلامية هو تحقيق لطبيعة الإنسان الأصلية وانسجام مع سنن الله في الجسم والنفس وفي الفرد والمجتمع وفي الإنسان وبيئته .

  • وقد اشتمل الإعلان على قائمة عملية وتطبيقية رائعة بأنماط الحياة الإسلامية المستخرجه من القران والسنة ذات الأثر في الشخصية الصحية والإنسانية بوجه عام ودعت الندوة في توصياتها جميع المنظمات الدولية والحكومات والمنظمات التطوعية وغير الحكومية إلى العمل على تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض النفسية والعضوية من خلال تشجيع أنماط الحياة الإسلامية والى تخصيص عقد من الزمن لتعزيز الجهود الرامية إلى تنفيذ خطة تضعها الجهات المعنية لتطبيق أنماط الحياة الإسلامية

(زيادة التفاصيل يرجى مراجعة المصدر المذكور وكلمة التقديم الرائعة للدكتور حسين الجزائري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط  في فوائد هذا الإعلان والكتاب والتي تصب في هذا الاتجاه أيضا).

( وتعاليم الإسلام كلها تدفع إلى المحافظة على الصحة والارتقاء بها في كافة المجالات ليعيش الإنسان حياة سعيدة طيبة في الدنيا والذاخرة وإذا كان الإسلام قد اوجب المحافظة على الضرورات الخمس فان ثلاثة من هذه الضرورات وهي ( النفس والنسل والعقل ) تتصل بوجوب المحافظة على صحة الكانسان ، والطب يحفظ البدن ويدفع عنه غوائل المرض ، يقول الإمام الشافعي : صنعتنان لا غنى للناس عنهما : العلماء لأديانهم والأطباء لأبدانهم ) [2]

 

المحور الثاني : التعاليم الإسلامية ( القران الكريم والسنة النبوية الشريفة ) في الوقاية والعلاج من الأمراض .

 

إن الصحة نعمة كبيرة على الإنسان بل هي من أعظم النعم عليه بعد نعمة الإيمان بالله والهداية إلى الطريق المستقيم ، قال عليه الصلاة والسلام ( ما أوتي أحد بعد اليقين خير من معافاة ) " رواه ابن ماجه : " لذلك يحرص القران الكريم وكذلك السنة النبوية المطهرة بتوجيه المسلمين بإتباع كافة الأسباب والوسائل المادية والروحية للوقاية والعلاج من الأمراض بأنواعها وصولاً للشفاء وتحقيق دوام الصحة وتعزيزها ، من خلال استشارة أفضل الأطباء والمتخصصين واستعمال أفضل الأدوية المباحة – الأسباب المادية – وكذلك باللجوء إلى الدعاء من الباري عز وجل للوقاية والشفاء من الأمراض – الأسباب الروحية – وأفضلها كلام الله عز وجل القران الكريم الذي ليس كمثله كلام لان الله جل جلاله يتصف بالكمال المطلق والكلام صفة المتكلم فكان القران ( كلامه المبارك) يتصف بذلك أيضا : لذلك يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( عليكم بالشفاءين العسل والقران ) " أخرجه الحاكم وصححه ودققه الذهبي والسيوطي".  والعسل كناية عن الأسباب المادية للعلاج والقرآن كناية عن الأسباب الروحية جميعا وهو من أفضلها.

 

وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم الإعرابي الذي قدم عليه عندما سأله عن ربط ناقته ، أيدعها سائبة متوكلاً على الله أم يحميها قائلاً ( أأعقل ناقتي أم ادعها ؟؟) فأجابه عليه الصلاة والسلام " أعقلها وتوكل " ) فأشارعليه الصلاة والسلام أن الاحتراز لا يدفع التوكل .. والحق أن من وثق بالله وأيقن أن قضاءه عليه ماضٍ لم يقدح في توكله تعاطيه الأسباب لسنته وسنة رسوله) [3].

وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداو به وتقاة نتقيها ، هل ترد من قدر الله شيئاً ؟ ، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام  (هي من قدر الله) " رواه الترمذي " .

 

وخلاصة القول :

لذلك من الأفضل الجمع بين الأسباب المادية ( كالدواء ) والروحية ( كالرقية الشرعية ) في الوقاية والعلاج من الأمراض جميعا وعدم ترك احدهما اعتماداً على الأخر في حال توفرهما ( الدواء + الدعاء = الشفاء بعون الله عز وجل )

 

1- الأدلة الشرعية في الوقاية من الأمراض

أ – أمثلة من القران الكريم :

  • قوله تعالى : )  وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ  ( " الأعراف : 31 "

  •   قوله تعالى : )   وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً  ( " الإسراء : 32"

  • قوله تعالى : )   فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ  ( " البقرة : الآية 222 "

  • قوله تعالى : )  وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ   ( " البقرة: 195 "

  • قوله تعالى : )   وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا  ( " النساء : 292 "

 

ب- أمثلة من الحديث النبوي الشريف قوله عليه الصلاة والسلام

  •  ( لا يبولنّ أحدكم في الماء الراكد ) " رواه ابن ماجه "

  • ( لا يبولنّ أحدكم في مستحمه ثم يغتسل منه ) " رواه أبو داود "

  • ( الطهور شطر الإيمان ) " رواه مسلم "

  • ( لا ضرار ولا ضرار ) " رواه ابن ماجه واحمد والدارقطني "

  • ( لا تغضب ) " رواه البخاري "

  • ( فر من المجذوم فرارك من الأسد ) رواه البخاري ومسلم .

  • ( لا يُوردُ الممرض على المصح ) " رواه البخاري ومسلم "

  • ( إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وانتم فيها فلا تخرجوا منها ) " رواه البخاري "

 

2- الأدلة الشرعية في العلاج من الأمراض

أ – أمثلة من القران الكريم – قوله تعالى :

  • قوله تعالى : )  ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ   ( " ص: 42 "

  • قوله تعالى : ) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا  ( " مريم: 25-26 "

  • قوله تعالى:)  مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ( " النحل: 69 "

وقوله (فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ) هي الوحيدة في القران الكريم من مجموع أربع آيات ذكرت فيها كلمة  ( شفاء ) سنذكرها لاحقا التي في دليل قاطع على إن ما يخرج من بطون النحل ( من عسل وغذاء ملكي وشمع وغيرها ) هو دواء فضلا عن كونه غذاء يوصلان للشفاء بإذن الله تعالى إذا استعملت بالطرق والجرعات المناسبة والعلمية وفيها الحث على استعمالها كما جاء في الحديث الشريف الذي ذكرناه سابقا في قوله عليه الصلاة والسلام (عليكم بالشفاءين: العسل والقران) " أخرجه الحاكم وابن ماجه  "

 

ب – أمثلة من الحديث الشريف – قوله عليه الصلاة والسلام:

  • ( تداووا يا عباد الله فان الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاء إلا داء واحداً : الهرم ) " رواه الأربعة "

  • ( ما انزل الله داء إلا أنزل له شفاء ) " رواه البخاري "

  • ( لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل) "رواه مسلم"

  • ( ما خلق الله من داءٍ إلا وجعل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله إلا السام ) والسام الموت " رواه ابن ماجه .

وفي قوله عليه الصلاة والسلام: ( علمه من علمه وجهله من جهله ) حث للأطباء المسلمين على البحث والاستقصاء لاكتشاف أدوية لأمراض لم يعرف لها دواء لحد الآن ، وقد ربط النبي الكريم الشفاء بموافقة الدواء للداء ، فلكل دواء مقدار معين يعمل به وينبغي ألا يزيد ولا ينقص وتعاليم الإسلام كلها تدفع إلى المحافظة على الصحة والارتقاء بها في كافة المجلات ليعيش الإنسان حياة سعيدة طيبة في الدنيا والآخرة )[4]

 

وقد تداوى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتداوى آل بيته الكرام وزوجاته الطاهرات وصحابته العظام رضي الله تعالى عنهم أجمعين ونصح أمته بكثير من أنواع العلاجات والأغذية التي كانت معروفة في زمانه والتي ثبت فوائدها  على مر الأيام وبالأبحاث الطبية حتى أن بعض علماء الحديث افردوا في كتبهم التي جمعوها من كلامه وسنته عليه الصلاة والسلام أبواباً خاصة باسم ( الطب النبوي ) أو ( كتاب الطب ) منها قوله عليه الصلاة والسلام:

  • ( كلوا الزيت وادهنوا به فانه من شجرة مباركة) " رواه الترمذي وغيره "

  • ( إن كان في شيء من أدويتم خير ففي شرطه محجم أو شربة عسل أو لذعة نار توافق الداء وما أحب أن اكتوي ) " رواه البخاري " .

( في قوله توافق الداء يمنع استعمال الكي إن وجد ما يسد مسده ويغني عنه وقوله ( وما أحب أن اكتوي ) يدل على كراهته له لا انه مكروه في ذاته ، فالكي جائز للضرورة عند عدم وجود البديل بشرط أن يوصى بذلك طبيب مسلم حاذق في الطب) [5].

  • ( الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين ) " رواه البخاري ومسلم " .

  • ( من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر) " رواه البخاري"  .

  • ( عليكم بهذه الحبة السوداء فإنها شفاء من كل داء إلا السام ) " رواه البخاري" .

وقد جاء في شرح هذا الحديث : ( وقال الخطابي قوله  هو شفاء من كل داء هو من العام الذي يراد به الخاص لأنه في منع شيء من النبات ما يجمع جميع الأمور التي تقابل الطبائع في معاجلة الأدواء بمقابلها .. فالعسل عند الأطباء اقرب إلى أن يكون دواء من كل داء من الحبة السوداء ومع ذلك فان من الأمراض ما لو شرب صاحبه العسل لتأذى به فان كل المراد بقوله تعالى في العسل  ( فيه شفاء للناس ) الأكثر والأغلب أي لبعضهم فحمل الحبة السوداء على ذلك أولى ) [6]

 

ليس هذا فحسب فإن الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام يأمرنا في تحري العلاج المناسب بسؤال المتخصصين وعدم الإفتاء بغير علم والذي قد يؤدي إلى الهلاك كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه : ( أن رجلا أصابه جرح في عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام وقد أصابه احتلام فسال أصحابه فأمر بالاغتسال فمات ! فبلغ ذلك النبي عليه الصلاة والسلام فقال ( قتلوه قتلهم الله ألم يكن شفاء العي السؤال ) " أخرجه احمد في مسنده ( 5/73 ) ورواه ابن ماجه وأبو داود "  وفي ذلك إشارة واضحة في سنته عليه الصلاة والسلام إلى الطب الوقائي والعلاجي وصولا للمحافظة على النفس البشرية وعدم إهلاكها بالتشدد وكذلك باللجوء إلى المتخصصين في كافة العلوم خاصة الأطباء لمعرفة الطرق المثلى للوقاية والعلاج من الإسراف والإصابات وعدم التصدي للافتاء ووصف الأدوية والعلاجات بدون علم ، قال تعالى: ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) "النحل 43." وأهل الذكر هم العلماء المتخصصون كل في مجاله العلمي التخصصي .


 

المحور الثالث : تأثير القران الكريم والرقية الشرعية للوقاية والعلاج من الأمراض

 

ذكرنا رأي الشرع والعلم بضرورة الجمع بين الأسباب المادية والروحية ( الدواء والدعاء ) للوقاية والعلاج من الإمراض بأنواعها ( النفسية والعضوية ) وصولا الى الشفاء بعون الله تعالى ، حيث أن الإنسان هو قبضة من تراب ونخفه من روح والجسد والنفس أو الروح في النهاية متداخلان والعلاج يتطلب تناول في كلا الجانبين ، وذكرنا الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة في بيان ذلك خاصة الجانب المادي ( الجسدي ) وسنذكر أدناه الأدلة الشرعية لفائدة وتأثير القران الكريم والدعاء المأثور ( الرقية الشرعية ) للوقاية والعلاج من الأمراض المختلفة وسنتناول في المحور التالي آلية وكيفية حصول هذا التأثير من الناحية العلمية والطبية وفق ما توصلت إليه أحدث الأبحاث في هذا المجال والله الموفق للصواب.

1-   من القران الكريم,قوله تعالى :

  •  )  يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ( " يونس : 57 "

  •  )  وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا ( " الإسراء : 82 "

  • ) قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء ( " فصلت : 44 "

  • ويقول ابن القيم رحمه الله في تفسير قوله تعالى )  وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء( ( إن من هنا لبيان الجنس لا للتبعيض فان القرآن كله شفاء) [7] ، ويقول أيضا : (فلم ينزل الله سبحانه وتعالى من السماء شفاء قط اعم ولا انفع ولا أعظم في إزالة الداء من القرآن ، والدعاء من انفع الأدوية وهو عدو البلاء يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه ويخفضه إذا نزل وهو سلاح   المؤمن) [8]، ويقول أيضا:

  •  )فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة وما كل احد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم واستيفاء شروطه لم يقاومه الداء  أبدا وكيف تقاوم الأدواء كلام رب العالمين الذي لو نزل على الجبال لصدّعها أو على الأرض لقطعها ، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه)[9]  

  • وقوله تعالى: ) إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا {19} إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا {20} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا {21} إِلَّا الْمُصَلِّينَ {22} الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ( " المعارج : 19-23 " والمصلون خاصة الدائمون على صلواتهم هم من الذاكرين له كثير والذين يتلون القران في صلاتهم وخارجها ويستفيدون من ذلك كوقاء ودواء .

وهناك عدد كبير من الآيات القرآنية التي لها علاقة بالطب النفسي غير التي ذكرناها حيث أن كتاب الله عز وجل قد اهتم بهذا الجانب كثيراً وقد جدنا ان عددها يتصدر أعداد الآيات في بقية الموضوعات الطبية والعلمية فقد بلغت حسب دراساتنا أكثر من 140 آية من مجموع عدد الآيات الطبية في القران والبالغة نحو 420 أية من أصل أكثر من 1200 آية كريمة في مختلف الموضوعات العلمية، علماً أن مجموع عدد آيات القران الكريم هو 6236 آية [10].

2- ومن الحديث النبوي الشريف قوله عليه الصلاة والسلام:

  • كان رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا اشتكى الإنسان شيء منه أو كانت به قرحة أو جرح قال بإصبعه هكذا – ووضع سفيان راوي الحديث – سبابته بالأرض ثم رفعها وقال ( بسم الله ، تربة أرضنا بريقه بعضنا ، ليشفى بها سقيمنا بإذن ربنا ) " رواه مسلم "

  • وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات فلما ثقل كنت انفث عليه بهنّ وامسح بيده نفسه لبركتها ) " رواه البخاري ومسلم "

  • ( فاتحة الكتاب شفاء من كل داء) " رواه الدارمي والبيهقي في ( الشعب ) وكذا في المشكاة .

  • ( فاتحة الكتاب شفاء من كل شيء إلا السام ) والسام الموت .

  • وقال المناوي : شفاء من داء الجهل والمعاصي والأمراض الظاهرة والباطنة وأنها كذلك لمن تدبر وتفكر وقوى يقينه وكما اخرج البيهيقي في ( الشُعب ) بسند جيد عن عبد الله بن جابر رضي الله عنه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال له: ( ألا أخبرك بأخر سورة نزلت في القران ؟ ) قلت : بلى يا رسول الله : قال  ( فاتحة الكتاب ، فان فيها شفاء من كل داء ) [11]

  • وفي الصحيحين أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يعوذ بعض أهله بيده اليمنى ويقول: ( اللهم رب الناس اذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك  - شفاء لا يغادر سقماً ) " رواه البخاري ومسلم "

  • وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام أتى النبي عليه الصلاة والسلام فقال : يا محمد  اشتكيت ؟ فقال : نعم ، فقال جبريل عليه السلام :      ( باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس وعين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك ) " رواه مسلم 2186 "

  • وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : بعثنا رسول الله عليه الصلاة والسلام في سرية ثلاثين راكبا فنزلنا بقوم من العرب فسألناهم أن يضيفونا فأبوا ( وكانوا غير مسلمين) فلدغ سيدهم فاتوا فقالوا : هل فيكم احد يرقي من العقرب ؟ فقلت نعم أنا ولكن لا أفعل حتى تعطونا شيئاً قالوا : نعطيك ثلاثون شاة ، قال : فقرأت عليها الحمد لله ( سورة الفاتحة ) سبع مرات فبرأ الرجل ، فلما قبضنا الغنم عرض في أنفسنا منها فكففنا ( أي حصل في نفوسنا ما جعلنا نتوقف عن قبول العطية ) حتى أتينا النبي عليه الصلاة والسلام فذكرنا له ذلك فقال ( أما علمت أنها " أي سورة الفاتحة " رقية ؟ اقسموها واضربوا لي بسهم " ) وفي رواية مسلم قوله عليه الصلاة والسلام (  وما يدريك أنها رقية ؟ خذوا منهم واضربوا لي بسهم ) " رواه مسلم -5697 .

ونستدل مما ذكرناه من الشواهد القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة شرعية العلاج بالقرآن والرقية أو بما ورد عن الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام سواء للشخص نفسه أو لغيره ( من المسلمين أو غير المسلمين ) بشرط إتباع صفة الرقية وأحوالها وفق قواعد الشريعة [12] ومن أهم ذلك إخلاص النسبة لله عز وجل وحسن التوكل عليه والاعتقاد الجازم بفائدتها .

 

المحور الرابع : كيف ومتى تحصل الفائدة من القران الكريم ومن هم المستفيدون من ذلك ؟

 

ما هو التفسير العلمي والطبي لتأثير القران الكريم والرقية الشرعية من القرآن والدعاء المأثور عن سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام بالنسبة للشخص نفسه أو لغيره ؟ وما هي فائدة قراءة القرآن الكريم وتكراره حفظاً وتلاوة أو سماعاً في الوقاية والعلاج من الأمراض القلبية ( النفسية ) والبدنية ( العضوية ) ؟.

إن ذلك يحدث والله اعلم بالطرق الآتية :

 

1- التاثير على مركز الايمان في الدماغ:

 نشرت مجلة ( Science and Life العلم والحياة ) الفرنسية في عدد آب 2002 م ( ص33-52 ) وعدد آب 2005 م ( ص48-68) مقالين تحت عنوان ( لماذا نعتقد بالله ولماذا لن يغيب الله أبداً ) يخلصان فيهما : انه تبين للباحثين في عمل الدماغ من الوجهة الوظيفية والتشريحية والكيميائية والمعرفية بأنه ( أي الدماغ ) مبرمج ومخلوق على الإيمان والشعور الديني ، فالعمليات الدماغية التي تسيرّها وسائط كيميائية Neuromediaters  ومنها مادة السيروتونين Serotonine  لها دور رئيسي عند المحبطين نفسيا من غير المؤمنين والذين لا يمارسون الشعائر الدينية بينما تزداد عند المؤمنين بالله عز وجل وتبين أيضا وجود مناطق في الدماغ منوط بها الشعور الديني .

فكل إنسان يرث دماغاً يدفعه بحكم خلقته للإيمان مصداقا لقوله تعالى ) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ  (  " الروم : 30"  وفي الحديث الشريف قوله عليه الصلاة والسلام ( كل مولود يولد على الفطرة " أي على الإيمان بالله عز وجل والدين الحنيف " فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمسجانه) " رواه البخاري "  .

فالباري عز وجل عندما خلق الإنسان ) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ {  " التين : 4 " فأحسن خلقه وتقويمه وقدره وهداه ( أي دبره وبرمجه ) في قوله تعالى } الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى {2} وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (  " الأعلى : 2-3 " وقوله أيضا : ) مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ   ( " عبس : 19 "  فقد جعل مراكزه الذهنية والعقلية العليا متناسقة مع كلامه وتنزيله ( القرآن الكريم ) فالذي انزل القرآن هو الذي خلق الإنسان فجعلهما متوافقتين أو متلائمين ومتناغمين يفهم احدهم الآخر ويؤثر فيه [13]!

 

لذلك كانت آيات القران الكريم تتفاعل مع مراكز الدماغ ايجابيا في حالة سماع الإنسان لها والسماح لها بالدخول والانسياب عبر القنوات الحسية خاصة السمع والبصر Sensory input  وجعلها تسمع بتدبر وفهم ينتج عنه الإدراك والإتباع وصولا إلى حالات زيادة الأيمان والشعور بالارتياح والحبور الذي ذكرناه من خلال التنشيط إفراز مادة السيرتونين أو غيرها مما قد يكشفه العلم مستقبلاً .

وفي دارسة أجريت في جامعة ( واشنطن ) حديثا على 453 طالب من جميع المذاهب ظهر بان الذين يمارسون الشعائر الدينية يستطيعون بسهولة السيطرة على الصدمات النفسية وما يتبعها من قلق واكتئاب خلافا للذين لا يمارسونها .

 

وفي دراسة أخرى على 388 شخص تتراوح اعتمارهم بين الستين والمائة سنة تبين إن قلق الموت هو اقل بكثير عند المؤمنين مقارنة بغير المؤمنين وحتى في حقل الامراض العضوية فقد تبين في دراسة أجريت على 68 حالة من مرضى الزهايمر ( تدهور القوى العقلية) Alzheimer's بان تطور المرضى وزيادته عند الممارسين لشعائرهم الدينية هو أبطأ واقل من غير المؤمنين والذين لا يمارسون الشعائر الدينية ( نفس المصدر أعلاه ) .

 

فإذا كان ذلك في الأديان الأخرى فكيف الحال في الدين الإسلامي الذي هو خاتم الأديان وكتابه ( القرآن ) هو خاتم واكمل الكتب السماوية والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, بالتأكيد فان تأثيره على الناس عامة والمرضى منهم خاصة سيكون أفضل وانفع وأسرع قال تعالى :) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ( " محمد : 2 " وقوله تعالى ) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (" النحل : 97 "

لذلك من الملاحظ في المجتمعات العربية والإسلامية وكذلك من ملاحظاتنا الطبية والسريرية طيلة نحو أربعين عاما أن الأشخاص الأتقياء والحافظين للقران الكريم يعمرون ويتمتعون بصحة نفسية وجسمية جيده رغم تقدمهم بالعمر مقارنة بغيرهم من الناس الذين لا يحفظون القران أو لا يؤدون الشعائر الدينية خاصة الصلوات الخمس من المسلمين أو غيرهم ونحن بصدد أجراء دراسة سريرية ميدانية موثقة بالفحوصات الشعاعية المتقدمة للدماغ لبيان ذلك بعون الله تعالى والذي نعتقده     ( والله أعلم ) أن قراءة القرآن حفظاً أو تلاوة ينشط المراكز الذهنية العليا والخلايا الدماغية ويمنعها من التلف والتآكل وبالتالي الإصابة بتدهور وظائفها وحصول الخرف خاصة المبكر منه والذي أصبح شائعاً في بلاد غير المسلمين خاصة الغربية منها مثل مرض الزهايمر .

 

لذلك فإن للقرآن الكريم دورا وقائياً فضلا عن دوره وتأثيره العلاجي للتخفيف أو إزالة هذه الامراض في حالة حدوثها ومن المأثور عن المصطفى rفي احد ادعيته : ( اللهم متعنا بإسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا ) ، وهذا يحصل بإتباع تعاليم القران في الحياة وكذلك في حفظه وتكراره وبركة كلام رب العالمين الذي لا يعلوه كلام.

2- تقوية الجهاز المناعي:  

 نظرا لحدوث الطمأنينة في النفوس عند قراءة أو تلاوة القران الكريم أو سماعه وذكر الله عز وجل فيه لقوله تعالى ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب  ) "الرعد:28" ، فقد ثبت علمياً إن هذا التأثير النفسي الايجابي للقرآن العظيم ينتقل إلى المنظومة ( العصبية – الهرمونية- المناعية ) Neuro-Endcrino-Immunity  System مؤديا لتقوية ورفع مقاومة الجسم للأمراض العضوية والسرطانية من خلال إسناد وتعزيز الخطوط المناعية المتعددة في الإنسان وصولا لرفع المناعة وكبح أو القضاء على الجراثيم المعدية والخلايا غير الطبيعية التي يكونها الجسم أحيانا والتي في حالة ضعف هذه الخلايا والعوامل المناعية قد تتغلب عليه وتحدث الامراض والأورام وقد وجد أن بعض هذه الهورمونات التي تزيد في حالات القلق والتوتر والغضب مثل الكورتيزون والأدرينالين والنورأدرينالين Cortioson,Adrenaline,NorAdrenaline   وغيرها والتي لها مفعول سلبي وتثبيطي للجهاز المناعي وهذه الهورمونات يكون مسيطر عليه وتفرز بصورة  اعتيادية ومتوازنة عند المؤمنين من خلال منظومة ( الجهاز العصبي والهرموني والمناعي ) لذلك فأن المؤمنين  في وقاية من هذه الامراض بعكس غير المؤمنين الذين يضطرب عندهم عمل هذه المنظومة بسبب القلق النفسي والتوتر والإحباط الذي يعيشون فيه مصداقاً لقوله تعالى ) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ( " طه : 124 "  فيحصل عندهم ضعف في الجهاز المناعي مما يعرضهم للاصابة بالأمراض العضوية فضلا على النفسية التي يصابون بها بصورة أكثر واشد مما يسبب لهم الضنك واليأس في حياتهم فتزيد عندهم نسبة الانتحار كما هو معروف وموثق في الإحصاءات والدراسات الطبية ففي فرنسا مثلا تحصل (21) حالة انتحار كل ( 4) دقائق  و ( 150) ألف حالة محاولة انتحار كل سنة والنسبة الأعلى هي بين المتقدمين في العمر حيث يشكل الانتحار السبب الثاني للموت فيها(إحصائيات سنة 2004م )

 

أما في الصين فان الانتحار يشكل السبب الأول للوفاة عند الذين تتراوح أعمارهم بين 20-35 سنة حيث يقدم ربع مليون شخص على الانتحار سنويا وفي كل عام يحاول ما بين 2.5 – 3.5 مليون صيني الانتحار ما يجعل منه السبب الخامس للوفاة في الصين لجميع الأعمار .

بينما أن نسبة الانتحار هي الأدنى في المجتمعات المؤمنة والملتزمة بالشعائر الدينية وخاصة الإسلامية منها حيث أن التربية الإسلامية في البيت والمجتمع والتعاليم القرآنية والنبوية تشكل مانعاً فكرياً عملياً من الانتحار في هذه المجتمعات وهذا ما لمسناه من خلال تجربتنا المهنية الطبية الممتدة لأربع عقود .

3- العلاج بالتناغم الاهتزازي بين القرآن و الخلايا الدماغية:

وهناك آلية اخرى في العلاج بالقرآن الكريم وذلك  في تاثير سماع الآيات القرآنية على الخلايا الدماغية عن طريق الترددات الصوتية وتناسقها بين كلمات القرآن وآياته والخلايا الدماغية فقد نشر الاستاذ عبد الدايم الكحيل بحثا بعنوان(العلاج بسماع القرآن) على موقع الشبكة العنكبوتية(موسوعة الاعجاز العلمي في القرآن والسنة) www.55a.net  خلاصته ما يلي:

في عام 1839 اكتشف العالم (هنريك ويليام دوف) ان الدماغ يتاثر ايجابا وسلبا عند تعرضه لترددات صوتية معينة حيث وجد ان خلايا الدماغ تتجاوب مع هذه الترددات

ثم تبين للعلماء ان خلايا الدماغ في حالة اهتزاز دائم طيلة حياتها وتهتز كل خلية بنظام محدد وتتاثر مع الخلايا التي حولها ففي داخل كل خلية نظام اهتزازي اودعه الله فيها لتقوم بعملها فالخلايا لا تفقه لغة الكلام ولكنها تتعامل بالذبذبات والاهتزازات. وان الاحداث التي يمر بها الانسان تترك اثرها على خلايا الدماغ حيث لوحظ ان اي حدث سيء يؤدي الى خلل في النظام الاهتزازي للخلايا الدماغية ويؤكد العلماء حاليا ان كل نوع من انواع السلوك ينتج عنه ذبذبة معينة للخلايا وان تعريض الانسان الى ذبذبات صوتية بشكل متكرر يؤدي الى احداث تغيير في الطريقة التي تهتز بها الخلايا.فهناك ترددات تجعل خلايا الدماغ تهتز بشكل حيوي ونسيط وايجابي وتزيد من الطاقة الايجابية للخلايا وهناك ترددات اخرى تجعلها تتاذى وقد تسبب لها الموت.

لذلك فان الترددات الصحيحة المتناغمة مع ترددات الخلايا الدماغية هي التي تشغل بال العلماء اليوم ويحاولون التوصل اليها ومعرفتها ومعرفة ما يناسب الدماغ من ترددات صوتية.

ويقول العلماء ايضا وفق احدث الاكتشافات ان اي مرض لابد ان يحدث تغييرا في برمجة الخلايا فكل خلية تسير وفق برنامج محدد منذ ان خلقها الله وحتى تموت,فاذا حدث خلل نفسي او فيزيائي(عضوي) فان هذا الخلل يسبب فوضى في النظام الاهتزازي للخلية ,وبالتالي ينشا عنه خلل في البرنامج الخلوي ووظائفه.

ولعلاج هذا الخلل لا بد من تصحيح هذا البرنامج باي طريقة ممكنة.ولقد توصل بعض المعالجين بالصوت مثل(آني ويليامز) الامريكية الى نتائج مهمة باستعمال صوت الموسيقى كعلاج وباستخدام الذبذبات الصوتية الموسيقية لاعادة برمجة خلايا الدماغ.وعلى الرغم من توصلها الى نتائج مشجعة في علاج السرطان واورام الدماغ وغيرها من الامراض لكن هذه النتائج بقيت محدودة لحد الآن بسبب عدم قدرة الموسيقى على احداث التغيرات المطلوبة في الخلايا.

والآيات والكلمات القرآنية تحمل(ما يشبه البرامج او البيانات) التي تستطيع التعامل مع الخلايا الدماغية لان البارئ عز وجل الذي انزل القرآن وهو كلامه هو الذي خلق الانسان وبرمجه بموجبه قال تعالى: (قل انزله الذي يعلم السر في السموات والارض انه كان حليما غفورا)"الفرقان:6". اي ان القرآن الكريم يحمل سر لغة الخلايا ويتعامل معها ايجابيا اذ ان آيات القرآن الكريم تخاطب الجبال وتسيرها وتقطع الارض وتمزقها وتكلم حتى الموتى وتحدث عندهم التغيرات كما جاء في قوله تعالى:(ولو ان قرآنا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى) "الرعد:31". فانه من الاسهل ومن باب اولى ان تتعامل هذه الآيات القرآنية مع الاحياء وتستطيع وقاء و شفاء المخلوق الضعيف(الانسان) من المرض.

 لذلك فان الله تعالى عندما يخبرنا في آياته ان القرآن شفاء فهذا يعني ان القرآن يحمل البيانات والبرامج الكافية والفعالة لعلاج الخلايا المتضررة في الجسم عامة وفي الدماغ خاصة ولعلاج الامراض المستعصية وما عجز الاطباء عن شفائه.

فسماع القرآن او تلاوته يعيدان التوازن الى الخلايا وتزيد من قدرتها على القيام بوظائفها الاساسية بشكل صحيح وممتاز لان آيات الله القرآنية هي كلام الله الحكيم العليم الذي خلق هذه الخلايا وجعلها متناسقة ومتناغمة مع كلامه المعجر المبرمج لاصلاحها واعادة الطمانينة اليها في حالى اختلالها قال تعالى:(الا بذكر الله تطمئن القلوب)"الرعد:31".

 

من هم المستفيدون في الوقاية والعلاج من الأمراض بالقران الكريم  ؟

والمستفيدون من العلاج بالقران الكريم هم المؤمنون به ( وكذلك من غير المنكرين له ولو كانوا غير مسلمين ) أما الكافرين والمنافقين والمعاندين فأنهم لا تحصل لديهم الفائدة كوقاية أو علاج من قراءة القران أو سماعه ضد الامراض بأنواعها النفسية والعضوية لأنهم أساساً غير معترفين به ولا يؤمنون بما جاء فيه وربما يحاربونه ويحاربون أولياء القران وقد عطلّوا حواسهم عن قبوله ووضعوا حاجزاً وحجاباً بينهم وبين سماعه فضلاً عن الإيمان به وأتباعه ، كما قال الله في حقهم

  • ) وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا {56} وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا  (" الكهف : 56-57" 

  •  ) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ  ( " فصلت : 5 "

وغيرها من الآيات الكريمات في هذا السياق التي تدل على أعراضهم وإنكارهم  وعدم استعدادهم لسماع وقبول وفهم القران الكريم فنتج عن ذلك أن الله عز وجل ختم على حواسهم جميعا خاصة مناطق الادراك في مقدمة الفص الامامي للدماغ, وجعل بينهم وبين القران حجاب لا يفهمونه ولا يستفيدون منه بل انه سيكون وبالاً عليهم وخسارة لهم في الدنيا والآخرة والمؤمنون والمعترفون بالقران وحدهم هم المستفيدون في قوله تعالى :

  •  ) خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ ( " البقرة : 7 "

  •  ) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ( " الإسراء : 45-46 "

  • )  وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا  ( " الإسراء : 82  "

حيث ان الكافرين والظالمين وكذلك المنافقين بأهوائهم وقراراتهم وإراداتهم الخاطئة عطلوا المراكز العقلية والدماغية الذهنية العليا المسئولة عن الإيمان والفهم للحقائق التي خلقها الله لهم ليعيشوا سعداء في الدارين وفضلهم على كافة المخلوقات بهذه المراكز والمدارك ولكنهم عطلوها ولم يستعملوها لمنفعتهم وفائدتهم بل استعملوها بانتقائية عجيبة حسب اهوائهم المنحرفة حيث ان الامور التي تعجبهم ويرضون عنها حسب اهوائهم يفهموها ويصغون اليها ويعملون بها  وهي من الامور الشركية المخالفة للتوحيد والايمان اما اذا كان الامر متعلقا بالتوحيد والايمان الخالص اعرضوا عنه واغلقوا منافذ حواسهم تجاهه كما قال تعالى:(ولتصغى اليه افئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضزه وليقترفوا ما هم مقترفون)"الانعام:113" وقوله تعالى) واذا ذكر الله وحده اشمئزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة واذا ذكر الذين من دونه اذا هم يستبشرون) "الزمر:45". فنتج عن ذلك أن أصبحوا كالبهائم والإنعام التي لا تعقل لأنها لا تملك أصلاً مراكز الفهم والإدراك واتخاذ القرار الصحيح الموجودة عند الإنسان الذي كرمه الله بها قال تعالى:)  وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ( " الأعراف : 179 "  

 

 

الامراض التي تستفيد من العلاج بالقرآن الكريم: [14]

والآن ما هي الحالات والأمراض التي تستفيد من العلاج بالقران الكريم والرقية الشرعية ( بالطبع مع الأخذ بالأسباب المادية ومراجعة وإتباع إرشادات الأطباء المتخصصين كما ذكرنا وفصلنا سابقا .

1- الامراض النفسية والعقلية :

أ – الامراض النفسية العصابية Neuroses

ب – أمراض الشخصية Personality Disorders

ج – الامراض الذهانية Psychoses

ويجب التركيز في الامراض الذهانية على اهتمام الأهل والمجتمع بالمريض ،  لأنه يكون بحاجة إلى رعايتهم والعناية به من قبلهم لفقده الإدراك بأنه مريض وهذا من احد وجبات الأقرباء قال تعالى: ) وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ( " المائدة :2 "

2- الأمراض النفسية – الجسمانية .Psychosomatic Diseases والتي أصبحت تحتل حيزا كبيرا من الامراض في الوقت الحاضر وتسمى (أمراض العصر) .

3-  الامراض العضوية بأنواعها من خلال تعزيز جهاز المناعة والتخفيف من حدة المرض والإسراع في الشفاء كما ذكرنا

 

4-   أمراض الحسد والعين والسحر

وقد أفردنا لها بابا خاصا لأهميتها وثبوت حصولها والإصابة بها من أدلة القران والسنة والعلاج بالقران الكريم وأتباع منهاجه في الحياة وقاية وعلاج منها جميعا ويمكن الرجوع إلى الأطباء والعلماء المتخصصين في الطب النفسي الذين فصلوا بهذا الموضوع كالأستاذ الدكتور طارق بن علي الحبيب والدكتور عدنان الشريف في كتابيهما ( العلاج النفسي والعلاج بالقران ) و ( من علم النفس القرآني ) على التوالي .

أما موضوع المس الروحي ( وما يسمى التلبس بالجن ) فإنه لم يثبت بنظرنا حصوله داخليا ( أي حصول التأثير المرضي من داخل بدن الإنسان بفعل عالم الجن مع ايماننا بوجوده ) وانما يحصل خارجيا بتاثير الوسوسة لقوله تعالى:(الذي يوسوس في صدور الناس , من الجنة والناس) "الناس:4-5"  وقوله تعالى: (فوسوس لهما الشيطان) "الاعراف:20"  فضلا عن قوله تعالى على لسان الشيطان:(ثم لآتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين)"الاعراف:17". قال ابن عباس:)ولا يستطيع ان ياتي من فوقهم لان لا يحول بينهم وبين رحمة الله). "تفسير الجلالين ص183". فلو كان الجان او الشيطان يستطيع ان يدخل في الانسان لقال ذلك عن نفسه بينما الآية المذكورة اعلاه صريحة في عدم مقدرته عن حجب رحمة الله من فوق الانسان فضلا عن عدم مقدرته في دخول بدنه وهذا الموضوع يحتاج إلى تفصيل ومناقشة مشتركة للمتخصصين من العلماء الشرعيين والأطباء النفسيين الأفاضل لتقرير حصوله من عدمه [15].

وحتى عن تاثير هذه الوساوس فان المؤمن يكون في وقاية منها بدوامه على ذكر الله وقراءة القرآن والادعية الماثورة بينما يحصل تاثيرها على غير المؤمنين لقوله تعالى:(انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون,انما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) "النحل:99-100".

واذا ما حصلت وسوسة للمؤمن فانه يتخلص منها سريعا بالاستعاذة بالله عز وجل من وسوسة شياطين الانس والجن قال تعالى:(واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه سميع عليم، ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون ) "الاعراف:200-201". صدق الله العظيم

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

الخلاصة

وخلاصة القول إن القران الكريم هو وقاء ودواء وصولاً إلى الشفاء من جميع الامراض النفسية ( القلبية ) والعضوية ( البدنية ) وبدرجات مختلفة من خلال :

1-    إتباع المنهج القرآني في الحياة والالتزام بتعاليمه .

2- الأخذ بالأسباب المادية للوقاية والتداوي من الامراض بأنواعها وكذلك بالتوكل والدعاء من الله عز وجل خاصة بقراءة القران وسماعه والرقية الشرعية بقواعدها وصولا للشفاء ( وصفة طبية دنيوية من أهل الاختصاص ووصفة أيمانية قرآنية من الخالق ) .

3- تطرق البحث كذلك إلى بعض ما توصل آليه الطب عن آلية عمل القران الكريم في تعزيز الجهاز المناعي في الإنسان المؤمن تؤكد فائدته للوقاية ومعالجة العلل وتخير حصول الشيخوخة خاصة الخرف مقارنة بغيرهم من غير المتدنيين ( مسلمين وغير مسلمين ) .

4- وذكر البحث الفئات من الناس خاصة المؤمنين الذين يستفيدون من القرآن الكريم كوقاية كعلاج وأنواع هذه الأمراض بصورة مختصرة وكيف أن الكافرين والمعاندين لا يستفيدون منه .

والحمد لله رب العالمين

 

 

 

 

 

الدكتور محمد جميل الحبَّال

استشاري الطب الباطني

مستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام

المملكة العربية السعودية

عضو وزميل الكليات الطبية الملكية البريطانية

وباحث في الاعجاز الطبي في القرآن والسنة

MRCP(UK),FRCP ( Edin) ,FRCP(London)

 

E-mail:alhabbal45@yahoo.com

 

 


 

المصادر

 

1-    ابن القيم الجوزية – الطب النبوي .

دار الحديث – القاهرة ( 2004 م )

2-    ابن القيم الجوزية – الداء والدواء

دار اليقين – المنصورة / مصر ( 1993 م )

3-    ابن القيم الجوزية – زاد المعاد – مؤسسة الرسالة –ط25 – بيروت      ( 1412 هـ )

4-    حسان شمس باشا – الطب النبوي بين العلم والإعجاز

دار القلم – دمشق ( 2004 م )

5- حسين جزائري – إعلان عمان لتعزيز الصحية بإتباع أنماط الحياة الإسلامية

 المكتب الإقليمي لشرق المتوسط  - بيروت ( 1995 م )

6- طارق بن علي بن الحبيب - العلاج النفسي والعلاج بالقران

    مؤسسة الجريسي للنشر والتوزيع –ط7 – المملكة العربية السعودية 2005 م

7- عدنان الشريف – من علم النفس القرآني

دار العلم للملايين – بيروت 2004 م

8- محمد بن علوي الملكي الحسيني – أبواب الفرج

المكتبة العلمية – القاهرة 2003 م

9- محمد جميل الحبال  ووميض العمري – الطب في القران – دار النفائس

بيروت 1997 م

10- محمد جميل الحبال ومقداد الجواري – العلوم في القران

دار النفائس – بيروت 1998 م

11- محمد جميل الحبال – العلوم المعاصرة في خدمة الداعية الإسلامي

دار المنهاج القديم – دمشق 2006 م . 

12- تفسير الجلالين-دار الكتاب العربي-بيروت 2001

13-موسوعة الاعجاز العلمي في القرآن والسنة www.55a.net

14- Science and Life No.1055 (August 2005 )


 

([1] )- طارق بن علي الحبيب – العلاج النفسي والعلاج بالقران ( ص80 )

([2] )- حسان شمسي باشا – الطب النبوي بين العلم والإعجاز  – ص10-11

([3] )- تفسير الطبري : 1/211 .

([4]) – حسن شمس باشا – الطب النبوي بين العلم والإعجاز – ( ص9-10 ) .

([5]) – حسن شمس باشا – الطب النبوي بين العلم والإعجاز – ( ص 101-102 ) .  .

([6]) – ابن حجر العسقلاني  ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري ( 10/172 ) .

([7]) –  ابن القيم الجوزية  ، الداء والدواء ،  ص11

([8]) – ابن القيم الجوزية ، الداء والدواء ، ص24

([9]) – ابن القيم الجوزية ، زاد المعاد ، 4/352 .

([10]) – محمد جميل الحبّال – الطب في القران (ص  103 ) والعلوم في القران ( ص68 )

([11]) – محمد بن علوي المالكي الحسني / أبواب الفرج ( ص79 ) 

([12]) – لزيادة التفاصيل عن هذا الموضوع انظر متى تشرع الرقية وصفتها وأحوالها – د. طارق  بن علي الحبيب / العلاج النفسي والعلاج بالقران ، ص66-86 .

([13]) – لزيادة التفصيل عن هذا الموضوع يرجى مراجعة فصل ( المنظومة القرآنية في الكون والإنسان ) في كتابنا ( العلوم المعاصرة في خدمة الداعية الإسلامي ). ص28-32 .  

([14]) – عدنان الشريف ، من علم النفس القرآني ، 107-119 .  .

 

([15]) – ويمكن الرجوع إلى رأي  الدكتور طارق بن علي الحبيب في موضوع المس في كتابه المذكور أعلاه ص141-221 .

وبحث الدكتور محمد دودح (الاستشفاء بالقرآن الكريم- دراسة علمية ميدانية).موسوعة الاعجاز العلمي في القرآن والسنة(موقع على الانترت) www.55a.net